الخاتمة : في تقسيمات الواجب
للواجب عدّة تقسيمات لا بأس بالتعرّض لها ، إلحاقا بمباحث الأوامر ؛ وإتماما للفائدة.
١. المطلق والمشروط
إنّ الواجب إذا قيس وجوبه إلى شيء آخر خارج عن الواجب ، فهو لا يخرج عن أحد نحوين :
١. أن يكون متوقّفا وجوبه على ذلك الشيء ، وهو ـ أي الشيء ـ مأخوذ في وجوب الواجب على نحو الشرطيّة ، كوجوب الحجّ بالقياس إلى الاستطاعة. وهذا هو المسمّى بـ «الواجب المشروط» ؛ لاشتراط وجوبه بحصول ذلك الشيء الخارج ، ولذا لا يجب الحجّ إلاّ عند حصول الاستطاعة.
٢. أن يكون وجوب الواجب غير متوقّف على حصول ذلك الشيء الآخر ، كالحجّ بالقياس إلى قطع المسافة ، وإن توقّف وجوده عليه. وهذا هو المسمّى بـ «الواجب المطلق» ؛ لأنّ وجوبه مطلق غير مشروط بحصول ذلك الشيء الخارج. ومنه الصلاة بالقياس إلى الوضوء والغسل والساتر ونحوها.
ومن مثال الحجّ يظهر أنّه ـ وهو واجب واحد ـ يكون واجبا مشروطا بالقياس إلى شيء ، (١) وواجبا مطلقا بالقياس إلى شيء آخر (٢). فالمشروط والمطلق أمران إضافيان.
ثمّ اعلم أنّ كلّ واجب هو واجب مشروط بالقياس إلى الشرائط العامّة ، وهي البلوغ والقدرة والعقل ، فالصبيّ والعاجز والمجنون لا يكلّفون بشيء في الواقع.
وأمّا «العلم» : فقد قيل : «إنّه من الشروط العامّة» (٣). والحقّ أنّه ليس شرطا في الوجوب ولا في غيره من الأحكام ، بل التكاليف الواقعيّة مشتركة بين العالم والجاهل على حدّ سواء. نعم ، العلم شرط في استحقاق العقاب على مخالفة التكليف على تفصيل يأتي في
__________________
(١) وهو الاستطاعة مثلا.
(٢) وهو قطع المسافة مثلا.
(٣) ذهب إليه أكثر العامّة. فراجع الإحكام (الآمديّ) ١ : ٢١٥ ؛ نهاية السئول ١ : ٣١٥ ؛ المستصفى ١ : ٨٣ ، فواتح الرحموت (المطبوع بهامش المستصفى) ١ : ١٤٣.