ولكنّ التداخل ـ على كلّ حال ـ خلاف الأصل ، ولا يصار إليه إلاّ بدليل خاصّ ، كما ثبت في غسل الجنابة أنّه يجزئ عن كلّ غسل آخر ، وسيأتي البحث عن التداخل مفصّلا في مفهوم الشرط (١).
١١. دلالة الأمر بالأمر على الوجوب
إذا أمر المولى أحد عبيده أن يأمر عبده الآخر بفعل ، فهل هو أمر بذلك الفعل حتّى يجب على الثاني فعله؟ [اختلفوا] على قولين. وهذا يمكن فرضه على نحوين :
١. أن يكون المأمور الأوّل على نحو المبلّغ لأمر المولى إلى المأمور الثاني ، مثل أن يأمر رئيس الدولة وزيره أن يأمر الرعيّة عنه بفعل. وهذا النحو لا شكّ خارج عن محلّ الخلاف ؛ لأنّه لا يشكّ أحد في ظهوره في وجوب الفعل على المأمور الثاني. وكلّ أوامر الأنبياء بالنسبة إلى المكلّفين من هذا القبيل.
٢. ألاّ يكون المأمور الأوّل على نحو المبلّغ ، بل هو مأمور أن يستقلّ في توجيه الأمر إلى الثاني من قبل نفسه ، وعلى نحو قول الإمام عليهالسلام «مروهم بالصّلاة وهم أبناء سبع (٢)» ، يعني الأطفال.
وهذا النحو هو محلّ الخلاف والبحث. ويلحق به ما لم يعلم الحال فيه أنّه على أيّ نحو من النحوين المذكورين.
والمختار أنّ مجرّد الأمر بالأمر ظاهر عرفا في وجوبه على الثاني.
وتوضيح ذلك أنّ الأمر بالأمر لا على نحو التبليغ يقع على صورتين :
الأولى : أن يكون غرض المولى يتعلّق بفعل المأمور الثاني ، ويكون أمره بالأمر طريقا للتوصّل إلى حصول غرضه. وإذا عرف غرضه أنّه على هذه الصورة يكون أمره بالأمر
__________________
(١) يأتي في الصفحة : ١٢٧ ـ ١٣٠.
(٢) وإليك نصّ الرواية : عن أبي عبد الله عليهالسلام عن أبيه ، فقال : «إنّا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين ، فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين». الوسائل ٣ : ١٢ ، الباب ٣ من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث ٥.