٢. أن يكون المطلوب الوجود الواحد بقيد الواحدة ـ أي بشرط ألاّ يزيد على أوّل وجوداته ـ ، فلو أتى المكلّف حينئذ بالمأمور به مرّتين لا يحصل الامتثال أصلا ، كتكبيرة الإحرام للصلاة ؛ فإنّ الإتيان بالثانية عقيب الأولى مبطل للأولى ، وهي تقع باطلة.
٣. أن يكون المطلوب الوجود المتكرّر ، إمّا بشرط تكرّره فيكون المطلوب هو المجموع بما هو مجموع ، فلا يحصل الامتثال بالمرّة أصلا ، كركعات الصلاة الواحدة ، وإمّا لا بشرط تكرّره ـ بمعنى أنّه يكون المطلوب كلّ واحد من الوجودات ـ ، كصوم أيّام شهر رمضان ، فلكلّ مرّة امتثالها الخاصّ.
ولا شكّ أنّ الوجهين الأخيرين يحتاجان إلى بيان زائد على مفاد الصيغة. فلو أطلق المولى ولم يقيّد بأحد الوجهين ـ وهو في مقام البيان ـ كان إطلاقه دليلا على إرادة الوجه الأوّل. وعليه ، يحصل الامتثال ـ كما قلنا ـ بالوجود الأوّل ، ولكن لا يضرّ الوجود الثاني ، كما أنّه لا أثر له في الامتثال وغرض المولى.
وممّا ذكرنا يتّضح أنّ مقتضى الإطلاق جواز الإتيان بأفراد كثيرة معا دفعة واحدة ، ويحصل الامتثال بالجميع. فلو قال المولى : «تصدّق على مسكين» فمقتضى الإطلاق جواز الاكتفاء بالتصدّق مرّة واحدة على مسكين واحد ، وحصول الامتثال بالتصدّق على عدّة مساكين دفعة واحدة ، ويكون امتثالا واحدا بالجميع ؛ لصدق صرف الوجود على الجميع ؛ إذ الامتثال كما يحصل بالفرد الواحد يحصل بالأفراد المجتمعة الوجود.
٩. هل يدلّ نسخ الوجوب على الجواز؟
إذا وجب شيء في زمان بدلالة الأمر ثمّ نسخ ذلك الوجوب قطعا فقد اختلفوا في بقاء الجواز الذي كان مدلولا للأمر ؛ لأنّ الأمر كان يدلّ على جواز الفعل مع المنع من تركه ، فمنهم من قال ببقاء الجواز (١) ، ومنهم من قال بعدمه (٢).
__________________
(١) قال به المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ١ : ٣٨٩ ـ ٣٩١.
(٢) ذهب إليه المحقّق القميّ وصاحب الفصول ، فراجع قوانين الأصول ١ : ١٢٧ ، والفصول : ١١١. واختاره ـ