اسميّ ، وكذا الندب.
وعلى هذا ، فالمستعمل فيه الصيغة ـ على كلا الحالين : الوجوب والندب ـ واحد لا اختلاف فيه. واستفادة الوجوب ـ على تقدير تجرّدها عن القرينة على إذن الآمر بالترك ـ إنّما هي بحكم العقل كما قلنا ؛ إذ هو من لوازم صدور الأمر من المولى (١).
ويشهد لما ذكرناه ـ من كون المستعمل فيه واحدا في مورد الوجوب والندب ـ ما جاء في كثير من الأحاديث من الجمع بين الواجبات والمندوبات بصيغة واحدة ، وأمر واحد ، وأسلوب واحد مع تعدّد الأمر ؛ ولو كان الوجوب والندب من قبيل المعنيين للصيغة لكان ذلك في الأغلب من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى وهو مستحيل ، أو تأويله (٢) بإرادة مطلق الطلب البعيد إرادته من مساق الأحاديث ، فإنّه تجوّز ـ على تقديره ـ لا شاهد له ، ولا يساعد عليه أسلوب الأحاديث الواردة.
تنبيهان
الأوّل : ظهور الجملة الخبريّة الدالّة على الطلب في الوجوب.
اعلم أنّ الجملة الخبريّة في مقام إنشاء الطلب شأنها شأن صيغة «افعل» في ظهورها في الوجوب ، كما أشرنا إليه سابقا ، بقولنا : «صيغة افعل وما شابهها».
والجملة الخبريّة مثل قول : «يغتسل. يتوضّأ. يصلّي» بعد السؤال عن شيء يقتضي مثل هذا الجواب ونحو ذلك.
والسرّ في ذلك أنّ المناط في الجميع واحد ، فإنّه إذا ثبت البعث من المولى ـ بأيّ مظهر كان وبأيّ لفظ كان ـ فلا بدّ أن يتبعه حكم العقل بلزوم الانبعاث ما لم يأذن المولى بتركه.
بل ربّما يقال : إنّ دلالة الجملة الخبرية على الوجوب آكد ؛ لأنّها في الحقيقة إخبار عن تحقّق الفعل بادّعاء أنّ وقوع الامتثال من المكلّف مفروغ منه (٣).
__________________
(١) هذا ما قال به المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ١ : ١٣٦. واختاره تلميذه المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٢ : ١٣٠ ـ ١٣٢.
(٢) أي أو من باب تأويله ....
(٣) هكذا قال المحقّق الخراسانيّ في كفاية الأصول : ٩٣.