تشترك كلّها في غرضنا المهمّ منه ، وهو استنباط الحكم الشرعيّ ، فلا وجه لجعل موضوع هذا العلم خصوص (الأدلّة الأربعة) فقط (١) ، وهي : الكتاب ، والسنّة ، والإجماع ، والعقل ، أو بإضافة الاستصحاب ، أو بإضافة القياس والاستحسان ، كما صنع المتقدّمون (٢).
ولا حاجة إلى الالتزام بأنّ العلم لا بدّ له من موضوع يبحث عن عوارضه الذاتيّة في ذلك العلم ـ كما تسالمت عليه كلمة المنطقيّين (٣) ـ فإنّ هذا لا ملزم له ولا دليل عليه (٤).
* فائدته
إنّ كلّ متشرّع يعلم أنّه ما من فعل من أفعال الإنسان الاختياريّة إلاّ وله حكم في الشريعة الإسلاميّة المقدّسة من وجوب أو حرمة أو نحوهما من الأحكام الخمسة. ويعلم أيضا أنّ تلك الأحكام ليست كلّها معلومة لكلّ أحد بالعلم الضروريّ ، بل يحتاج أكثرها لإثباتها إلى إعمال النظر وإقامة الدليل ، أي إنّها من العلوم النظريّة.
وعلم الأصول هو العلم الوحيد المدوّن للاستعانة به على الاستدلال على إثبات الأحكام الشرعيّة ؛ ففائدته إذن الاستعانة على الاستدلال للأحكام من أدلّتها.
* تقسيم أبحاثه
تنقسم مباحث هذا العلم إلى أربعة أقسام (٥) :
__________________
(١) هو ما اختاره في قوانين الأصول ١ : ٩.
(٢) ومراده من المتقدّمين هو بعض العامّة ، فإنّ بعضهم فسّروا أصول الفقه بـ «أدلّة الفقه». والأدلّة عند بعضهم هي الكتاب والسنّة والإجماع والقياس والاستدلال كما في الإحكام (للآمدي) ١ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧. وعند بعض آخر منهم هي الكتاب والسنّة والإجماع والقياس والاستصحاب كما في اللمع : ٦.
(٣) شرح الشمسية : ١٤ ؛ حاشية ملاّ عبد الله : ٢٠٩ ؛ الأسفار ١ : ٣٠. والتزم بذلك بعض الأصوليّين ، فراجع الفصول الغرويّة : ١٠ ؛ كفاية الأصول : ٢١.
(٤) أي لا دليل على الوجوب ولا على الوقوع.
(٥) وهذا التقسيم حديث تنبّه له شيخنا العظيم الشيخ محمّد حسين الأصفهانيّ قدسسره المتوفّى سنة ١٣٦١ (ه. ق) ،