الأمر ، فإنّه (١) وإن كان خارجا عن تحتها بما هي مأمور بها إلّا أنّه لمّا كان وافيا بغرضها (٢) ـ كالباقي تحتها ـ كان عقلا مثله في الإتيان به في مقام الامتثال والإتيان به بداعي ذاك الأمر ، بلا تفاوت في نظره (٣) بينهما أصلا.
ودعوى أنّ الأمر لا يكاد يدعو إلّا إلى ما هو من أفراد الطبيعة المأمور بها ، وما زوحم منها بالأهمّ وإن كان من أفراد الطبيعة لكنّه ليس من أفرادها بما هي مأمور بها ؛ فاسدة ، فإنّه إنّما يوجب ذلك إذا كان خروجه عنها بما هي كذلك تخصيصا ، لا مزاحمة ، فإنّه معها (٤) وإن كان لا تعمّه الطبيعة المأمور بها إلّا أنّه ليس لقصور فيه ، بل لعدم إمكان تعلّق الأمر بما يعمّه عقلا (٥).
وعلى كلّ حال ، فالعقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال وإطاعة الأمر بها (٦) بين هذا الفرد وسائر الأفراد أصلا.
هذا على القول بكون الأوامر متعلّقة بالطبائع.
وأمّا بناء على تعلّقها بالأفراد فكذلك ، وإن كان جريانه عليه أخفى ، كما لا يخفى ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّه ـ بناء على إمكان الترتّب وصحّته ـ لا بدّ من الالتزام بوقوعه من دون انتظار دليل آخر عليه ؛ وذلك لوضوح أنّ المزاحمة على صحّة الترتّب لا تقتضي عقلا إلّا امتناع الاجتماع في عرض واحد ، لا كذلك (٧).
فلو قيل بلزوم الأمر في صحّة العبادة ـ ولم يكن في الملاك كفاية ـ كانت العبادة مع ترك الأهمّ صحيحة ، لثبوت الأمر بها في هذا الحال ، كما إذا لم تكن هناك مضادّة.
__________________
(١) أي : ما زوحم.
(٢) أي : كان وافيا بالغرض الداعي إلى الأمر بالعبادة. فاسناد الغرض إلى العبادة اسناد مجازيّ.
(٣) أي : في نظر العقل.
(٤) أي : فإنّ الفرد المزاحم مع المزاحمة.
(٥) وفي بعض النسخ : «بما يعمّه عقلا مزاحمة». والصحيح ما أثبتناه.
(٦) أي : بالطبيعة.
(٧) أي : بنحو الترتّب.