وكون الجواز في العنوان بمعنى الإمكان الذاتيّ بعيد عن محلّ الخلاف بين الأعلام (١).
نعم ، لو كان المراد من لفظ «الأمر» الأمر ببعض مراتبه ، ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الأخر (٢) ـ بأن يكون النزاع في أنّ أمر الآمر يجوز إنشاء (٣) مع علمه بانتفاء شرطه بمرتبة فعليّته؟ وبعبارة اخرى : كان النزاع في جواز إنشائه مع العلم بعدم بلوغه إلى المرتبة الفعليّة لعدم شرطه ـ لكان جائزا ، وفي وقوعه في الشرعيّات والعرفيّات غنى وكفاية ، ولا يحتاج معه إلى مزيد بيان أو مئونة برهان.
وقد عرفت سابقا (٤) أنّ داعي إنشاء الطلب لا ينحصر بالبعث والتحريك جدّا حقيقة ، بل قد يكون صوريّا امتحانا ، وربما يكون غير ذلك.
ومنع كونه أمرا إذا لم يكن بداعي البعث جدّا واقعا وإن كان في محلّه ، إلّا أنّ إطلاق الأمر عليه ـ إذا كانت هناك قرينة على أنّه بداع آخر غير البعث ـ توسّعا ممّا لا بأس به أصلا ، كما لا يخفى.
وقد ظهر بذلك حال ما ذكره الأعلام (٥) في المقام من النقض والإبرام. وربما يقع به التصالح بين الجانبين ، ويرتفع النزاع من البين (٦) ، فتأمّل جيّدا.
__________________
(١) ضرورة أنّه لا يمكن دخل علم الآمر في الإمكان الذاتيّ.
(٢) وفي النسخة الأصليّة : «ببعض مراتبه الأخر». والأولى ما أثبتناه.
(٣) هكذا في النسخ. وكان الأولى أن يقول : «يجوز إنشاؤه ...».
(٤) في المبحث الأوّل من مباحث الفصل الثاني من الفصول المتعلّقة بصيغة الأمر : ١٣٢.
(٥) راجع القوانين ١ : ١٢٤ ـ ١٢٧ ، الفصول الغرويّة : ١٠٩ ، هداية المسترشدين : ٣٠٠.
(٦) فيقال : إنّ مراد القائل بالجواز هو جواز الأمر الإنشائيّ. ومراد القائل بعدم الجواز هو عدم جواز الأمر الفعليّ.
ثمرة المسألة :
وينبغي أن يختم البحث عن هذه المسألة بذكر ثمرتها. فهل تترتّب على البحث عنها ثمرة عمليّة أم لا؟
قد يقال : إنّ الثمرة لهذه المسألة تظهر في من أفطر في نهار شهر رمضان مع عدم تماميّة شرائط الوجوب له إلى الليل كمن أفطر أوّلا ثمّ سافر. فعلى القول بجواز أمر الآمر مع علمه ـ