من جهة التلازم بين طلب أحد الضدّين وطلب ترك الآخر (١) أو المقدّميّة (٢) ، على ما سيظهر. كما أنّ المراد بالضدّ هاهنا هو مطلق المعاند والمنافي ، وجوديّا كان أو عدميّا.
[الأمر] الثاني : [تحقيق الحال في المقدّميّة وعدمها]
أنّ الجهة المبحوث عنها في المسألة وإن كانت أنّه هل يكون للأمر اقتضاء بنحو من الأنحاء المذكورة؟ إلّا أنّه لمّا كانت عمدة القائلين بالاقتضاء في الضدّ الخاصّ إنّما ذهبوا إليه لأجل توهّم مقدّميّة ترك الضدّ ، كان المهمّ صرف عنان الكلام في المقام إلى بيان الحال وتحقيق المقال في المقدّميّة وعدمها ، فنقول ـ وعلى الله الاتّكال ـ :
إنّ توهّم توقّف الشيء على ترك ضدّه ليس إلّا من جهة المضادّة والمعاندة بين الوجودين ، وقضيّتها (٣) الممانعة بينهما ، ومن الواضحات أنّ عدم المانع من المقدّمات (٤).
__________________
(١) ذهب المحقّق القميّ إلى أنّ الأمر يقتضي النهي عن ضدّه العامّ على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ أو غير البيّن. واختاره العلّامة النراقيّ أيضا. فراجع قوانين الاصول ١ : ١٠٨ و ١١٣ ، مناهج الأحكام : ٦١.
وذهب المحقّق النائينيّ إلى الاقتضاء على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ ، فيدلّ عليه بالدلالة الالتزاميّة. فوائد الاصول ١ : ٣٠٣.
(٢) أي : إنّ الأمر يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ من جهة أنّ وجود الضدّ مقدّمة لعدم الضدّ الآخر ، كما أنّ عدمه مقدّمة لوجود الضدّ الآخر.
(٣) أي : مقتضي المضادّة. والأولى أن يقول : «قضيّتهما» كي يرجع الضمير إلى المضادّة والمعاندة.
(٤) هذا ما توهّمه الحاجبيّ والعضديّ على ما في مطارح الأنظار : ١٠٤ ، وشرح العضديّ ١ : ٩٠ و ٩٦ ـ ٩٧ و ١٩٩.
وحاصل التوهّم : أنّه لا ريب في أنّ كلّ واحد من الضدّين مانع عن وجود الآخر ، وعدم المانع من أجزاء العلّة الّتي هي مقدّمة على المعلول ، فعدم أحد الضدّين المانع عن وجود الضدّ الآخر مقدّم رتبة على وجود الضدّ الآخر ، فهو مقدّمة لوجود الضدّ الآخر.