الثبوت (١) ؛ حيث يكون الشيء تارة متعلّقا للإرادة والطلب مستقلّا ، للالتفات إليه بما هو عليه ممّا يوجب طلبه ، فيطلبه ، كان طلبه نفسيّا أو غيريّا ؛ واخرى متعلّقا للإرادة تبعا لإرادة غيره لأجل كون إرادته لازمة لإرادته من دون التفات إليه بما يوجب إرادته. لا بلحاظ الأصالة والتبعيّة في مقام الدلالة والإثبات (٢) ، فإنّه يكون في هذا المقام تارة مقصودا بالإفادة واخرى غير مقصود بها على حدة ، إلّا أنّه لازم الخطاب ، كما في دلالة الإشارة ونحوها (٣).
وعلى ذلك (٤) ، فلا شبهة في انقسام الواجب الغيريّ إليهما ، واتّصافه بالأصالة والتبعيّة كلتيهما ، حيث يكون متعلّقا للإرادة على حدة عند الالتفات إليه بما هو مقدّمة ، واخرى لا يكون متعلّقا لها كذلك عند عدم الالتفات إليه كذلك ، فإنّه يكون لا محالة مرادا تبعا لإرادة ذي المقدّمة على الملازمة.
كما لا شبهة في اتّصاف النفسيّ أيضا بالأصالة ، ولكنّه لا يتّصف بالتبعيّة ، ضرورة أنّه لا يكاد يتعلّق به الطلب النفسيّ ما لم تكن فيه مصلحة نفسيّة ، ومعها يتعلّق بها (٥) الطلب مستقلا ولو لم يكن هناك شيء آخر مطلوب أصلا ، كما لا يخفى.
نعم ، لو كان الاتّصاف بهما بلحاظ الدلالة اتّصف النفسيّ بهما أيضا ، ضرورة أنّه قد يكون غير مقصود بالإفادة ، بل افيد بتبع غيره المقصود بها.
لكنّ الظاهر ـ كما مرّ ـ أنّ الاتّصاف بهما إنّما هو في نفسه ، لا بلحاظ حال الدلالة عليه ، وإلّا لما اتّصف بواحد منهما إذا لم يكن بعد مفاد دليل ، وهو كما ترى.
ثمّ إنّه إذا كان الواجب التبعيّ ما لم يتعلّق به إرادة مستقلّة فإذا شكّ في واجب
__________________
(١) تبعا للشيخ الأعظم الأنصاريّ على ما في مطارح الأنظار : ٧٨.
(٢) كما ذهب إليه صاحبا الفصول والقوانين. ومال إليه السيّد الإمام الخمينيّ. فراجع الفصول الغرويّة : ٨٢ ، قوانين الاصول ١ : ١٠٠ ، تهذيب الاصول ١ : ٢٧٥.
(٣) كدلالة القضيّة الشرطيّة على مفهومها.
(٤) أي : وبناء على كون التقسيم بحسب مقام الثبوت.
(٥) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «يتعلّق به» ، فإنّ الضمير يرجع إلى النفسيّ.