[التذنيب] الثاني : [في عدم اعتبار قصد الغايات في صحّة الطهارات]
أنّه قد انقدح ممّا هو التحقيق في وجه اعتبار قصد القربة في الطهارات صحّتها ولو لم يؤت بها بقصد التوصّل بها إلى غاية من غاياتها. نعم ، لو كان المصحّح لاعتبار قصد القربة فيها أمرها الغيريّ لكان قصد الغاية ممّا لا بدّ منه في وقوعها صحيحة ، فإنّ الأمر الغيريّ لا يكاد يمتثل إلّا إذا قصد التوصّل إلى الغير ، حيث لا يكاد يصير داعيا إلّا مع هذا القصد ، بل في الحقيقة يكون هو الملاك لوقوع المقدّمة عبادة ولو لم يقصد أمرها ، بل ولو لم نقل بتعلّق الطلب بها أصلا.
وهذا (١) هو السرّ في اعتبار قصد التوصّل في وقوع المقدّمة عبادة. لا ما توهّم (٢) من أنّ المقدّمة إنّما تكون مأمورا بها بعنوان المقدّميّة ، فلا بدّ عند إرادة الامتثال بالمقدّمة من قصد هذا العنوان ، وقصدها كذلك لا يكاد يكون بدون قصد التوصّل إلى ذي المقدّمة بها ؛ فإنّه فاسد جدّا ، ضرورة أنّ عنوان المقدّميّة ليس بموقوف عليه الواجب ، ولا بالحمل الشائع مقدّمة له ، وإنّما كان المقدّمة هو نفس المعنونات بعناوينها الأوّليّة ، والمقدّميّة إنّما تكون علّة لوجوبها.
[٤ ـ الواجب الأصليّ والواجب التبعيّ]
ومنها : تقسيمه إلى الأصليّ والتبعيّ (٣).
والظاهر أن يكون هذا التقسيم بلحاظ الأصالة والتبعيّة في الواقع ومقام
__________________
ـ شرائطها كما ينحلّ إلى أجزائها ، فيتعلّق بكلّ شرط أمر نفسيّ ضمنيّ كما يتعلّق بكلّ جزء أمر نفسيّ كذلك ، والموجب للعباديّة هو هذا الأمر النفسيّ الضمنيّ. فوائد الاصول ١ : ٢٢٨.
(١) أي : كون التوصّل إلى الغير ملاك عباديّة الطهارة.
(٢) والمتوهّم هو الشيخ الأعظم الأنصاريّ على ما في مطارح الأنظار : ٧٢. ولكنّه لا يطابق ما ذكره الشيخ في كتاب الطهارة ٢ : ٥٤ ـ ٥٦. وقد مرّ آنفا.
(٣) لا يخفى : أنّه ذكر هذا التقسيم في ذيل الأمر الرابع المتضمّن لبيان تبعيّة وجوب المقدّمة لوجوب ذيها في الإطلاق والاشتراط. ولكن المناسب أن يذكر ذيل الأمر الثالث. ولعلّه سهو من قلم الناسخين. ولذا ذكرناه في المقام.