الفحول (١) إلى جعله جزئيّا إضافيّا ، وهو كما ترى (٢). وإن كانت هي الموجبة لكونه جزئيّا ذهنيّا ـ حيث إنّه لا يكاد يكون المعنى حرفيّا إلّا إذا لوحظ حالة لمعنى آخر ومن خصوصيّاته القائمة به ويكون حاله كحال العرض (٣) ، فكما لا يكون [العرض] في الخارج إلّا في الموضوع ، كذلك هو لا يكون في الذهن إلّا في مفهوم آخر (٤) ؛ ولذا قيل (٥) في تعريفه : بأنّه ما دلّ على معنى في غيره ـ فالمعنى وإن كان لا محالة يصير جزئيّا بهذا اللحاظ بحيث يباينه إذا لوحظ ثانيا كما لوحظ أوّلا ولو كان اللاحظ واحدا ، إلّا أنّ هذا اللحاظ لا يكاد يكون مأخوذا في المستعمل فيه ، وإلّا فلا بدّ من لحاظ آخر متعلّق بما هو ملحوظ بهذا اللحاظ (٦) ، بداهة أنّ تصوّر المستعمل فيه ممّا لا بدّ منه في استعمال الألفاظ ، وهو كما ترى.
مع أنّه يلزم أن لا يصدق على الخارجيّات ، لامتناع صدق الكلّي العقليّ
__________________
(١) كالشيخ محمّد تقي في هداية المسترشدين : ٣٠ ، وصاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٦.
وقريب منه ما التجأ به المحقّق الاصفهانيّ من أنّها موضوعة للأخصّ من المعنى الملحوظ حال الوضع وأنّ ميزان عموم الوضع وخصوص الموضوع له ليس الوضع للجزئيّات الحقيقيّة. راجع نهاية الدراية ١ : ٣٠ ـ ٣٢.
(٢) لأنّ الجزئيّ الإضافيّ يرجع إلى الكلّيّ حيث ينطبق على الكثيرين.
(٣) لا يخفى : أنّه يكون حال المعنى الحرفيّ حال العرض في عدم الاستقلال فقط ؛ والّا فبينهما بون بعيد ، فإنّ العرض موجود في نفسه لغيره ـ أي يطرد العدم عن ماهيّته ـ ويسمّى بالوجود الرابطيّ ، والمعنى الحرفيّ موجود في غيره ـ أي لا يطرد العدم إلّا عن اتّحاد طرفيه ـ ويسمّى بالوجود الرابط ، كوجود النسبة بين الموضوع والمحمول.
وإن شئت تفصيل الفرق بين الوجودين فراجع ما علّقنا على الفصل الثالث من المرحلة الثانية من نهاية الحكمة.
(٤) لا يخفى : أنّ المعنى الحرفيّ وجود رابط ، والوجود الرابط ليس وعاؤه الذهن فقط ـ كما يتراءى من عبارة المصنّف ـ ، بل يكون نحو وجوده تبعا لوجود طرفيه ، سواء كان هذا الوعاء هو الخارج أو الذهن.
(٥) والقائل هو ابن الحاجب في الكافية ، راجع شرح الكافية ١ : ٧.
(٦) فيلزم اجتماع اللحاظين ، وهو خلاف الوجدان.