ما لا يخفى من منع الكبرى لو اريد من المأمور به معناه الحقيقيّ ، وإلّا لا يفيد المدّعى.
الجهة الرابعة : [في أنّ الأمر موضوع للطلب الإنشائيّ]
الظاهر أنّ الطلب الّذي يكون هو معنى الأمر ليس هو الطلب الحقيقيّ (١) ـ الّذي يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعيّ (٢) ـ ، بل الطلب الإنشائيّ (٣) ـ الّذي لا يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا ، بل طلبا إنشائيّا (٤) ـ ، سواء انشئ بصيغة افعل ، أو بمادّة الطلب ، أو بمادّة الأمر ، أو بغيرها.
ولو أبيت إلّا عن كونه موضوعا للطلب (٥) ، فلا أقلّ من كونه منصرفا إلى الإنشائيّ منه عند إطلاقه (٦) كما هو الحال في لفظ «الطلب» أيضا ، وذلك لكثرة الاستعمال في الطلب الإنشائيّ. كما أنّ الأمر في لفظ «الإرادة» على عكس لفظ «الطلب» ، والمنصرف عنها (٧) عند إطلاقها هو الإرادة الحقيقيّة.
[اتّحاد الطلب والإرادة]
واختلافهما في ذلك (٨) ألجأ بعض أصحابنا (٩) إلى الميل إلى ما ذهب إليه
__________________
ـ ذكر هنا. راجع قوانين الاصول ١ : ٨٢.
(١) وهو الشوق الحاصل في النفس الّذي من الكيفيّات القائمة بالنفس ، وله وجود في الخارج.
(٢) لأنّ الشوق من مصاديق الطلب ، وهو موجود خارجيّ.
(٣) وهو مظهر الطلب الحقيقيّ.
(٤) فالفرق بين الطلب الحقيقيّ والإنشائيّ أنّ الطلب الحقيقيّ يحمل عليه الطلب المطلق بحمل الشائع الصناعيّ ، والطلب الإنشائيّ لا يحمل عليه الطلب بقول مطلق بالحمل الشائع ، بل يحمل عليه الطلب الإنشائيّ.
(٥) أي : مطلق الطلب الجامع بين الحقيقيّ والإنشائيّ.
(٦) أي : فلا أقلّ من كون لفظ «الأمر» منصرفا إلى الإنشائيّ من الطلب عند إطلاق لفظ «الأمر».
(٧) والأولى أن يقول : «إذ المنصرف عنها».
(٨) أي : اختلاف لفظي الطلب والإرادة في المعنى المنصرف عن كلّ منهما.
(٩) كالشيخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ في هداية المسترشدين : ١٣٥ ، والمحقّق الخوانساريّ في رسالة في مقدّمة الواجب. ووافقهم المحقّق النائينيّ كما يأتي.