الفصل التاسع
في فعله تعالى وانقساماته
لفعله تعالى بمعنى المفعول وهو الوجود الفائض منه ، انقسامات بحسب ما تحصل من الأبحاث السابقة ، كانقسامه إلى مجرد ومادي ، وانقسامه إلى ثابت وسيال وإلى غير ذلك ، والمراد في هذا الفصل الإشارة إلى ما تقدم سابقا ، أن العوالم الكلية ثلاثة ، عالم العقل وعالم المثال وعالم المادة.
فعالم العقل مجرد عن المادة وآثارها.
وعالم المثال مجرد عن المادة دون آثارها ، من الأبعاد والأشكال والأوضاع وغيرها ، ففيه أشباح جسمانية متمثلة في صفة الأجسام ، التي في عالم المادة على نظام ، يشبه نظامها في عالم المادة ، غير أن تعقب بعضها لبعض ، بالترتب الوجودي بينها ، لا بتغير صورة إلى صورة أو حال إلى حال ، بالخروج من القوة إلى الفعل من طريق الحركة ، على ما هو الشأن في عالم المادة ، فحال الصور المثالية في ترتب بعضها على بعض ، حال الصور الخيالية من الحركة والتغير ، والعلم مجرد لا قوة فيه ولا تغير ، فهو علم بالتغير لا تغير في العلم ، وعالم المادة بجواهرها وأعراضها مقارن للمادة.
والعوالم الثلاثة مترتبة وجودا ، فعالم العقل قبل عالم المثال ، وعالم المثال قبل عالم المادة وجودا ، وذلك لأن الفعلية المحضة التي لا تشوبها قوة ، أقوى وأشد وجودا مما هو بالقوة محضا أو تشوبه قوة ، فالمفارق قبل المقارن للمادة ،
__________________
(١) في الفصل الثاني من المرحلة الحادية عشرة.