فإنّ الحديث الثاني وإن كان أخصّ من الأوّل ، وكان اللازم تخصيص الأوّل به والحكم بعدم وجوب التكبير ، إلاّ أنّ جوابه صلوات الله وسلامه عليه بالأخذ بأحد الحديثين من باب التسليم يدلّ على أنّ الحديث الأوّل نقله الإمام عليهالسلام بالمعنى ، وأراد شموله لحالة الانتقال من القعود إلى القيام بحيث لا يمكن (١) إرادة ما عدا هذا الفرد منه ، فأجاب عليهالسلام بالتخيير.
ثمّ إنّ وظيفة الإمام عليهالسلام وإن كانت إزالة الشبهة عن الحكم الواقعيّ ، إلاّ أنّ هذا الجواب لعلّه تعليم طريق العمل عند التعارض مع عدم وجوب التكبير عنده في الواقع ، وليس فيه الإغراء بالجهل من حيث قصد الوجوب في ما ليس بواجب ؛ من جهة (٢) كفاية قصد القربة في العمل.
وكيف كان : فإذا ثبت التخيير بين دليلي وجوب الشيء على وجه الجزئيّة وعدمه ، ثبت في ما نحن فيه ـ من تعارض الخبرين في ثبوت التكليف المستقلّ ـ بالإجماع والأولويّة القطعيّة.
ما ذكره الاصوليّون في باب التراجيح
ثمّ إنّ جماعة من الاصوليّين ذكروا في باب التراجيح الخلاف في ترجيح الناقل أو المقرّر (٣) ، وحكي عن الأكثر ترجيح الناقل (٤). وذكروا تعارض الخبر المفيد للوجوب والمفيد للإباحة ، وذهب جماعة إلى ترجيح
__________________
(١) كذا في (ت) و (ظ) ، وفي غيرهما : «لا يتمكّن».
(٢) في (ت) ونسخة بدل (ص) بدل «من جهة» : «لأجل».
(٣) انظر المعارج : ١٥٦ ، ونهاية الوصول (مخطوط) : ٤٥٨ ، والمعالم : ٢٥٣.
(٤) حكاه في نهاية الوصول (مخطوط) : ٤٥٨ ، وانظر مفاتيح الاصول : ٧٠٥.