ومنها (طوائف): ما دلّ على وجوب الرجوع إلى الرواة والثقات والعلماء على وجه يظهر منه: عدم الفرق بين فتواهم بالنسبة إلى أهل الاستفتاء، وروايتهم بالنسبة إلى أهل العمل بالرواية، مثل: قول الحجّة، عجّل الله فرجه، لإسحاق بن يعقوب ـ على ما في كتاب الغيبة للشيخ، وكمال الدين للصدوق، والاحتجاج للطبرسي (ابوبصیر طبرسی) ـ : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها (حوادث) إلى رواة حديثنا؛ فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله عليهم».
فإنّه لو سلّم أنّ ظاهر الصدر الاختصاص بالرجوع في حكم الوقائع إلى الرواة أعني الاستفتاء منهم، إلاّ أنّ التعليل بأنّهم (روات) حجّته عليهالسلام يدلّ على وجوب قبول خبرهم (روات).
ومثل الرواية المحكيّة عن العدّة، من قوله عليهالسلام:
«إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها (حادثه) فيما روي عنّا، فانظروا إلى ما رووه عن عليّ عليهالسلام».
دلّ على الأخذ بروايات الشيعة وروايات العامّة مع عدم وجود المعارض من روايات الخاصّة.
ومثل ما في الاحتجاج عن تفسير العسكري عليهالسلام ـ في قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ...﴾ الآية ـ من أنّه قال رجل للصادق عليهالسلام:
«فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لا يعرفون الكتاب إلاّ بما يسمعون من علمائهم، لا سبيل لهم إلى غيره (سماع از علماء)، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوامّ اليهود إلاّ كعوامّنا يقلّدون علماءهم؟ فإن لم يجز لاولئك (عوام شیعه) القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء (عوام یهود) القبول من علمائهم».
فقال عليهالسلام: «بين عوامّنا وعلمائنا وبين عوامّ اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة: أمّا من حيث استووا (مساوی هستند)؛ فإنّ الله تعالى ذمّ عوامنا بتقليدهم علماءهم (که مکبّ علی الدنیا باشند) كما ذمّ عوامهم بتقليدهم علماءهم، وأمّا من حيث افترقوا فلا (فلا مذمت).
قال: بيّن لي يا بن رسول الله؟
قال: إنّ عوامّ اليهود قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الأحكام عن وجهها (احکام) بالشفاعات (پارتی بازی) والنسابات (نسبتها) والمصانعات (کاری برای کسی انجام بدهی که بعد او هم برای تو کاری انجام بدهد)، وعرفوهم بالتعصّب الشديد الذي يفارقون به (تعصب) أديانهم، وأنّهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه («من»)، وأعطوا ما لا يستحقّه من تعصّبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم (من تعصبوا لهم)، وعلموهم يقارفون (هجوم میآورند) المحرّمات، واضطرّوا بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق، لا يجوز أن يصدّق على الله تعالى ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله تعالى؛ فلذلك ذمّهم (عوام یهود را) لمّا قلّدوا من عرفوا ومن علموا أنّه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه ولا العمل بما يؤدّيه إليهم (عوام) عمّن لم يشاهدوه، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله؛ إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم.
وكذلك عوامّ امّتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبيّة (تعصب) الشديدة والتكالب (هجوم میآورند) على حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصّبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقّا، والترفرف (هجوم میآورند) بالبرّ والإحسان على من تعصّبوا له وإن كان للإذلال (ذلت) والإهانة مستحقّا.
فمن قلّد من عوامّنا مثل هؤلاء الفقهاء، فهم (عوامنا) مثل اليهود الذين ذمّهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم. فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوامّ أن يقلّدوه، وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة، لا جميعهم. فأمّا من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامّة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئا، ولا كرامة.
وإنّما كثر التخليط (مخلوط کردن حدیث) فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لذلك (بخاطر مسائلی که گفته شد)؛ لأنّ الفسقة يتحمّلون عنّا فيحرّفونه بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجوهها (اشیاء) لقلّة معرفتهم، وآخرون يتعمّدون الكذب علينا؛ ليجرّوا مِن عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنّم، ومنهم قوم نصّاب (ناصبی) لا يقدرون على القدح فينا، فيتعلّمون بعض علومنا الصحيحة، فيتوجّهون به (علوم) عند شيعتنا، وينتقصون بنا عند أعدائنا، ثمّ يضعون (اضافه میکنند) إليه (چیزی که یاد گرفتهاند) أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن براء منها، فيقبله (این مطالب را) المستسلمون من شيعتنا على أنّه من علومنا، فضلّوا وأضلّوا، اولئك أضرّ على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد ـ لعنه الله ـ على الحسين بن عليّ عليهالسلام»، انتهى.
دلّ هذا الخبر الشريف اللائح منه آثار الصدق على جواز قبول قول من عرف بالتحرّز عن الكذب وإن كان ظاهره اعتبار العدالة بل ما فوقها، لكنّ المستفاد من مجموعه (حدیث): أنّ المناط في التصديق هو التحرّز عن الكذب، فافهم (ملاک در روایت این است که تالی تلو معصوم، قولش قبول است نه اینکه تحرز از کذب باشد).
ومثل ما عن أبي الحسن عليهالسلام فيما كتبه جوابا عن السؤال عمّن يعتمد عليه في الدين، قال: «اعتمدا في دينكما على كلّ مسنّ في حبّنا، كثير القدم في أمرنا».
وقوله عليهالسلام في رواية اخرى: «لا تأخذنّ معالم دينك من غير شيعتنا؛ فإنّك إن تعدّيتهم أخذت دينك من الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم (خدا و روسل)؛ إنّهم ائتمنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه... الحديث».
وظاهرهما (دو روایت) وإن كان الفتوى، إلاّ أنّ الإنصاف شمولهما (دو روایت) للرواية بعد التأمّل، كما تقدّم في سابقيهما.