وأمّا السنّة، فطوائف من الأخبار:
منها: ما ورد في الخبرين المتعارضين: من الأخذ بالأعدل والأصدق أو المشهور، والتخيير عند التساوي (صفات راویان):
مثل مقبولة عمر بن حنظلة، حيث يقول: «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث».
وموردها (روایت) وإن كان في الحاكمين، إلاّ أنّ ملاحظة جميع الرواية تشهد: بأنّ المراد بيان المرجّح للروايتين اللتين استند إليهما الحاكمان.
ومثل رواية عوالي اللآلي المرويّة عن العلاّمة، المرفوعة إلى زرارة: «قال: يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان، فبأيّهما آخذ؟ قال: خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النّادر، قلت: إنّهما معا مشهوران؟ قال: خذ بأعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك».
ومثل رواية ابن الجهم عن الرضا عليهالسلام: «قلت: يجيئنا الرجلان ـ وكلاهما ثقة ـ بحديثين مختلفين، فلا نعلم أيّهما (دو حدیث) الحقّ، قال: إذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت».
ورواية الحارث بن المغيرة عن الصادق عليهالسلام، قال: «إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة، فموسّع عليك حتّى ترى القائم».
وغيرها (خبر) من الأخبار.
والظاهر: أنّ دلالتها (روایات) على اعتبار الخبر الغير المقطوع الصدور (ظنی) واضحة (چون تعارض بین دو خبر قطعی معنا ندارد)، إلاّ أنّه لا إطلاق لها (روایات)؛ لأنّ السؤال عن الخبرين اللذين فرض السائل كلا منهما (دو خبر) حجّة يتعيّن العمل بها (روایت) لولا المعارض؛ كما يشهد به (مطلب) السؤال بلفظة «أيّ» الدالّة على السؤال عن المعيّن مع العلم بالمبهم (پس محدوده حجت مفروغ است)، فهو كما إذا سئل عن تعارض الشهود أو أئمّة الصلاة، فأجاب ببيان المرجّح، فإنّه لايدلّ إلاّ على أنّ المفروض تعارض من كان منهم مفروض القبول لولا المعارض.
نعم، رواية ابن المغيرة تدلّ على اعتبار خبر كلّ ثقة، وبعد ملاحظة ذكر الأوثقيّة والأعدليّة في المقبولة والمرفوعة يصير الحاصل من المجموع (مجموع اخبار) اعتبار خبر الثقة، بل العادل.
لكنّ الإنصاف: أنّ ظاهر مساق الرواية أنّ الغرض (غرض امام) من العدالة حصول الوثاقة، فيكون العبرة بها (وثاقت).
ومنها (طوائف): ما دلّ على إرجاع آحاد الرواة إلى آحاد أصحابهم عليهالسلام، بحيث يظهر منه (ارجاع) عدم الفرق بين الفتوى والرواية، مثل: إرجاعه عليهالسلام إلى زرارة بقوله عليهالسلام: «إذا أردتَ حديثا فعليك بهذا الجالس» مشيرا إلى زرارة.
وقوله عليهالسلام في رواية اخرى: «أمّا ما رواه زرارة عن أبي عليهالسلام فلا يجوز ردّه».
وقوله عليهالسلام لابن أبي يعفور بعد السؤال عمّن يرجع إليه إذا احتاج أو سئل عن مسألة: «فما يمنعك عن الثقفيّ؟ ـ يعني محمّد بن مسلم ـ فإنّه سمع من أبي أحاديث، وكان عنده (پدرم) وجيها».
وقوله عليهالسلام ـ فيما عن الكشّيّ ـ لسلمة بن أبي حبيبة: «ائت أبان ابن تغلب؛ فإنّه قد سمع منّي حديثا كثيرا، فما روى لك عنّي فاروه عنّي».
وقوله عليهالسلام لشعيب العقرقوفيّ بعد السؤال عمّن يرجع إليه: «عليك بالأسديّ» يعني أبا بصير.
وقوله عليهالسلام لعليّ بن المسيّب بعد السؤال عمّن يأخذ عنه معالم الدين: «عليك بزكريا بن آدم المأمون على الدّين والدّنيا».
وقوله عليهالسلام لمّا قال له عبد العزيز بن المهتدي: «ربما أحتاج ولستُ ألقاك في كلّ وقت، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ قال: نعم». (در اینجا از مورد سوال میکند و از ثقه گرفتن مفروغ عنه بوده است)
وظاهر هذه الرواية: أنّ قبول قول الثقة كان أمرا مفروغا عنه عند الراوي، فسأل عن وثاقة يونس، ليرتّب عليه أخذ المعالم منه (یونس).
ويؤيّده في إناطة وجوب القبول بالوثاقة: ما ورد في العمريّ وابنه اللذين هما من النوّاب والسفراء، ففي الكافي في باب النهي عن التسمية، عن الحميريّ، عن أحمد بن إسحاق، قال: «سألت أبا الحسن عليهالسلام قلت له: مَن اعامل، أو عمّن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال عليهالسلام له: العمريّ ثقتي؛ فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، وما قال لك عنّي فعنّي يقول، فاسمع له وأطع؛ فإنّه (عمری) الثقة المأمون».
وأخبرنا أحمد بن إسحاق: أنّه سأل أبا محمّد عليهالسلام عن مثل ذلك (امام عسکری)، فقال له: «العمريّ وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما؛ فإنّهما الثّقتان المأمونان... الخبر».
وهذه الطائفة ـ أيضا ـ مشتركة مع الطائفة الاولى في الدلالة على اعتبار خبر الثقة المأمون.