عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذمّ عوامهم بتقليدهم علماءهم ، وأمّا من حيث افترقوا فلا.

قال : بيّن لي يا بن رسول الله؟

قال : إنّ عوامّ اليهود قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح وبأكل الحرام والرشاء ، وبتغيير الأحكام عن وجهها بالشفاعات والنسابات والمصانعات ، وعرفوهم بالتعصّب الشديد الذي يفارقون به أديانهم ، وأنّهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه ، وأعطوا ما لا يستحقّه من تعصّبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم (١) ، وعلموهم يقارفون (٢) المحرّمات ، واضطرّوا بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق ، لا يجوز أن يصدّق على الله تعالى ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله تعالى ؛ فلذلك ذمّهم لمّا قلّدوا من عرفوا ومن علموا أنّه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه ولا العمل بما يؤدّيه إليهم عمّن لم يشاهدوه ، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى ، وأشهر من أن لا تظهر لهم.

وكذلك عوامّ امّتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبيّة الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها ، وإهلاك من يتعصّبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقّا ، والترفرف بالبرّ والإحسان على من تعصّبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقّا.

__________________

(١) كذا في (ر) و (ص) والمصدر ، ولم ترد «من أجلهم» في (ظ) ، (ل) ، (م) و (ه).

(٢) في (ت) ، (ر) ، (ص) و (ه) : «يتعارفون» ، وفي (م) : «تقارفون» ، وما أثبتناه مطابق للمصدر.

۶۴۸۱