إرادة خلاف مقتضى اللفظ إن حصل من أمارة غير معتبرة ، فلا يصحّ رفع اليد عن الحقيقة ، وإن حصل من دليل معتبر فلا يعمل بأصالة الحقيقة ، ومثّل له بما إذا ورد في السنّة المتواترة عامّ ، وورد فيها أيضا خطاب مجمل يوجب الإجمال في ذلك العامّ ولا يوجب الظنّ بالواقع. قال : فلا دليل على لزوم العمل بالأصل تعبّدا. ثمّ قال :
ولا يمكن دعوى الإجماع على لزوم العمل بأصالة الحقيقة تعبّدا ؛ فإنّ أكثر المحقّقين توقّفوا في ما إذا تعارض الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح (١) ، انتهى.
المناقشة في هذا التفصيل
ووجه ضعفه يظهر ممّا ذكر ؛ فإنّ التوقّف في ظاهر خطاب لأجل إجمال (٢) خطاب آخر ـ لكونه معارضا ـ ممّا لم يعهد من أحد من العلماء ، بل لا يبعد ما تقدّم (٣) : من حمل المجمل في أحد الخطابين على المبيّن في الخطاب الآخر.
وأمّا قياس ذلك على مسألة تعارض الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح ، فعلم فساده ممّا ذكرنا في التفصيل المتقدّم : من أنّ الكلام المكتنف بما يصلح أن يكون صارفا قد اعتمد عليه المتكلّم في إرادة خلاف الحقيقة لا يعدّ من الظواهر ، بل من المجملات ، وكذلك المتعقّب بلفظ يصلح للصارفيّة ، كالعامّ المتعقّب بالضمير ، وشبهه ممّا تقدّم.
__________________
(١) هذا التفصيل للسيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) في (ت) ، (ر) ، (ظ) ، (ل) ، (م) و (ه) : «احتمال».
(٣) في الصفحة السابقة.