درس فرائد الاصول - قطع و ظن

جلسه ۴۸: حجیت ظواهر کتاب ۶

جواد مروی
استاد
جواد مروی
 
۱

متاسفانه صوت این جلسه موجود نیست

ثمّ إنّ ما ذكره ـ من عدم العلم بكون الظواهر من المحكمات واحتمال كونها من المتشابهات ـ ممنوع :

أوّلا : بأنّ المتشابه لا يصدق على الظواهر لا لغة ولا عرفا ، بل يصحّ سلبه عنه ، فالنهي الوارد عن اتّباع المتشابه لا يمنع ؛ كما اعترف به في المقدّمة الاولى ، من أنّ مقتضى القاعدة وجوب العمل بالظواهر.

وثانيا : بأنّ احتمال كونها من المتشابه لا ينفع في الخروج عن الأصل الذي اعترف به.

ودعوى اعتبار العلم بكونها من المحكم هدم لما اعترف به من أصالة حجّية الظواهر ؛ لأنّ مقتضى ذلك الأصل جواز العمل إلاّ أن يعلم كونه (١) ممّا نهى الشارع عنه.

وبالجملة : فالحقّ ما اعترف به قدس‌سره ، من أنّا لو خلّينا وأنفسنا لعملنا بظواهر الكتاب ، ولا بدّ للمانع من إثبات المنع.

ثمّ إنّك قد عرفت ممّا ذكرنا : أنّ خلاف الأخباريّين في ظواهر الكتاب ليس في الوجه الذي ذكرنا ، من اعتبار الظواهر اللفظيّة في الكلمات الصادرة لإفادة المطالب (٢) واستفادتها (٣) ، وإنّما يكون خلافهم في أنّ خطابات الكتاب لم يقصد بها استفادة المراد من أنفسها ، بل بضميمة تفسير أهل الذكر ، أو أنّها ليست بظواهر بعد احتمال كون محكمها من المتشابه ، كما عرفت من كلام السيّد المتقدّم (٤).

__________________

(١) في (ظ) : «كونها».

(٢) في (ص) و (ل) : «المطلب».

(٣) في (ص) : «استفادته».

(٤) أي السيّد الصدر المتقدّم كلامه في الصفحة ١٥١.

وينبغي التنبيه على امور :

الأوّل :

توهّم عدم الثمرة في الخلاف في حجّية ظواهر الكتاب

أنّه ربما يتوهّم (١) بعض (٢) : أنّ الخلاف في اعتبار ظواهر الكتاب قليل الجدوى ؛ إذ ليست آية متعلّقة بالفروع أو الاصول (٣) إلاّ و (٤) ورد في بيانها أو في الحكم الموافق لها خبر أو أخبار كثيرة ، بل انعقد الإجماع على أكثرها. مع أنّ جلّ آيات الاصول والفروع ـ بل كلّها ـ ممّا تعلّق الحكم فيها بامور مجملة لا يمكن العمل بها إلاّ بعد أخذ تفصيلها من الأخبار (٥) ، انتهى.

الجواب عن التوهّم المذكور

أقول : ولعلّه قصّر نظره على (٦) الآيات الواردة في العبادات ؛ فإنّ أغلبها من قبيل ما ذكره ، وإلاّ فالإطلاقات الواردة في المعاملات ممّا يتمسّك بها في الفروع الغير المنصوصة أو المنصوصة بالنصوص المتكافئة ، كثيرة جدّا ، مثل : ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ(٧) ، و ﴿أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ(٨) ،

__________________

(١) في (م) و (ه) : «توهّم».

(٢) وهو الفاضل النراقي.

(٣) في (ت) ، (ر) و (ه) : «والاصول».

(٤) «و» من (م) و (ه).

(٥) مناهج الأحكام : ١٥٦.

(٦) كذا في (ت) و (ه) ، وفي غيرهما : «إلى».

(٧) المائدة : ١.

(٨) البقرة : ٢٧٥.

و ﴿تِجارَةً عَنْ تَراضٍ(١) ، و ﴿فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ(٢) ، و ﴿لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ(٣) ، و ﴿لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ(٤) ، و ﴿أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ(٥) ، و ﴿إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا(٦) ، و ﴿فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ(٧) ، و ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ(٨) ، و (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ(٩) ، و ﴿ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ(١٠) ، وغير ذلك ممّا لا يحصى.

بل وفي العبادات أيضا كثيرة ، مثل قوله تعالى : ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ(١١) ، وآيتي (١٢) التيمّم والوضوء والغسل (١٣).

__________________

(١) النساء : ٢٩.

(٢) البقرة : ٢٨٣.

(٣) النساء : ٥.

(٤) الأنعام : ١٥٢ ، والإسراء : ٣٤.

(٥) النساء : ٢٤.

(٦) الحجرات : ٦.

(٧) التوبة : ١٢٢.

(٨) النحل : ٤٣ ، والأنبياء : ٧.

(٩) النحل : ٧٥.

(١٠) التوبة : ٩١.

(١١) التوبة : ٢٨.

(١٢) في (ت) ، (ر) ، (ص) و (ه) : «آيات».

(١٣) النساء : ٤٣ ، والمائدة : ٦.

وهذه العمومات وإن ورد فيها أخبار في الجملة ، إلاّ أنّه ليس كلّ فرع ممّا يتمسّك فيه بالآية ورد فيه خبر سليم عن المكافئ ، فلاحظ وتتبّع.

الثاني :

لو اختلفت القراءة في الكتاب

أنّه إذا اختلفت (١) القراءة في الكتاب على وجهين مختلفين في المؤدّى ، كما في قوله تعالى : ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ(٢) ، حيث قرئ بالتشديد من التطهّر الظاهر في الاغتسال ، وبالتخفيف (٣) من الطهارة الظاهرة في النّقاء من الحيض ، فلا يخلو : إمّا أن نقول بتواتر القراءات كلّها كما هو المشهور (٤) ، خصوصا في ما كان الاختلاف في المادّة ، وإمّا أن لا نقول كما هو مذهب جماعة (٥).

فعلى الأوّل : فهما بمنزلة آيتين تعارضتا ، لا بدّ من الجمع بينهما بحمل الظاهر على النصّ أو على الأظهر ، ومع التكافؤ لا بدّ من الحكم بالتوقّف والرجوع إلى غيرهما (٦).

__________________

(١) كذا في (خ) ، (د) ، (ف) و (ن) ، وفي نسخنا : «اختلف».

(٢) البقرة : ٢٢٢.

(٣) في (ت) ، (ر) ، (ص) و (ل) : «والتخفيف».

(٤) انظر القوانين ١ : ٤٠٦ ، ومفاتيح الاصول : ٣٢٢ ، ومناهج الأحكام : ١٥٠ ، وشرح الوافية (مخطوط) : ١٥٣ ـ ١٥٤.

(٥) ذكرهم في القوانين ومفاتيح الاصول ، وذهب إليه الفاضل النراقي في المناهج أيضا.

(٦) في هامش (م) زيادة العبارة التالية : «قال البيضاوي عند تفسير قوله تعالى : ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ : إنّ القراءتين آيتان يعمل بهما ، ثمّ فرّع على ذلك ما لا يخلو تفرّعه عن بحث».