درس فرائد الاصول - قطع و ظن

جلسه ۴۷: حجیت ظواهر کتاب ۵

جواد مروی
استاد
جواد مروی
 
۱

متاسفانه صوت این جلسه موجود نیست

عن المخصّص في العمومات بثبوت العلم الإجماليّ بوجود المخصّصات ؛ فإنّ العلم الإجماليّ إمّا أن يبقى أثره ولو بعد العلم التفصيليّ بوجود عدّة مخصّصات ، وإمّا أن لا يبقى ، فإن بقي فلا يرتفع بالفحص ، وإلاّ فلا مقتضي للفحص.

وتندفع هذه الشبهة : بأنّ المعلوم إجمالا هو وجود مخالفات كثيرة في الواقع فيما بأيدينا بحيث تظهر تفصيلا بعد الفحص ، وأمّا وجود مخالفات في الواقع زائدا على ذلك فغير معلوم ، فحينئذ لا يجوز (١) العمل قبل الفحص ؛ لاحتمال وجود مخصّص يظهر بالفحص (٢) ، ولا يمكن (٣) نفيه بالأصل ؛ لأجل العلم الإجماليّ ، وأمّا بعد الفحص فاحتمال وجود المخصّص في الواقع ينفى بالأصل السالم عن العلم الإجماليّ.

والحاصل : أنّ المنصف لا يجد فرقا بين ظواهر (٤) الكتاب والسنّة ، لا (٥) قبل الفحص ولا (٦) بعده.

ثمّ إنّك قد عرفت (٧) : أنّ العمدة في منع الأخباريّين من العمل بظواهر الكتاب هي الأخبار المانعة عن تفسير القرآن ، إلاّ أنّه يظهر من

__________________

(١) في (ص) ، (ر) و (ل) : «فلا يجوز».

(٢) كذا في (ت) ، (ل) ، (ه) ونسخة بدل (ص) ، وفي (ص) ، (ر) ، (ظ) و (م) بدل «بالفحص» : «بعد الفحص».

(٣) في (ت) ، (ل) و (ه) : «ولا يمكنه».

(٤) في (ت) ، (ل) و (ه) : «ظاهر».

(٥) لم ترد «لا» في (ظ) ، (ل) و (م).

(٦) لم ترد «لا» في (ظ) ، (ل) و (م).

(٧) راجع الصفحة ١٣٩.

كلام السيّد الصدر ـ شارح الوافية ـ في آخر كلامه : أنّ المنع عن العمل بظواهر الكتاب هو مقتضى الأصل ، والعمل بظواهر الأخبار خرج بالدليل ؛ حيث قال ـ بعد إثبات أنّ في القرآن محكمات وظواهر ، وأنّه ممّا لا يصحّ إنكاره ، وينبغي النزاع في جواز العمل بالظواهر ، وأنّ الحقّ مع الأخباريّين ـ ما خلاصته :

أنّ التوضيح يظهر بعد مقدّمتين :

الاولى : أنّ بقاء التكليف ممّا لا شكّ فيه ، ولزوم العمل بمقتضاه موقوف على الإفهام ، وهو يكون في الأكثر بالقول ، ودلالته في الأكثر تكون ظنّيّة ؛ إذ مدار الإفهام على إلقاء الحقائق مجرّدة عن القرينة وعلى ما يفهمون ، وإن كان احتمال التجوّز وخفاء القرينة باقيا.

الثانية : أنّ المتشابه كما يكون في أصل اللغة كذلك يكون بحسب الاصطلاح ، مثل أن يقول أحد : أنا استعمل العمومات ، وكثيرا ما اريد الخصوص من غير قرينة ، وربما اخاطب أحدا واريد غيره ، ونحو ذلك ، فحينئذ لا يجوز لنا القطع بمراده ، ولا يحصل لنا الظنّ به ، والقرآن من هذا القبيل ؛ لأنّه نزل على اصطلاح خاصّ ، لا أقول على وضع جديد ، بل أعمّ من أن يكون ذلك أو يكون فيه مجازات لا يعرفها العرب ، ومع ذلك قد وجدت فيه كلمات لا يعلم المراد منها كالمقطّعات.

ثمّ قال (١) :

قال سبحانه : ﴿مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ... الآية (٢) ، ذمّ على اتّباع المتشابه ، ولم يبيّن لهم المتشابهات

__________________

(١) لم ترد «قال» في غير (ص).

(٢) آل عمران : ٧.

ما هي؟ وكم هي؟ بل لم يبيّن لهم المراد من هذا اللفظ ، وجعل البيان موكولا إلى خلفائه ، والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى الناس عن التفسير بالآراء ، وجعلوا الأصل عدم العمل بالظنّ إلاّ ما أخرجه الدليل.

إذا تمهّدت (١) المقدّمتان ، فنقول : مقتضى الاولى العمل بالظواهر ، ومقتضى الثانية عدم العمل ؛ لأنّ ما صار متشابها لا يحصل الظنّ بالمراد منه ، وما بقى ظهوره مندرج في الأصل المذكور ، فنطالب بدليل جواز العمل ؛ لأنّ الأصل الثابت عند الخاصّة هو عدم جواز العمل بالظنّ إلاّ ما أخرجه الدليل.

لا يقال : إنّ الظاهر من المحكم ، ووجوب العمل بالمحكم إجماعيّ.

لأنّا نمنع الصغرى ، إذ المعلوم عندنا مساواة المحكم للنصّ ، وأمّا شموله للظاهر فلا.

إلى أن قال :

لا يقال : إنّ ما ذكرتم ـ لو تمّ ـ لدلّ على عدم جواز العمل بظواهر الأخبار أيضا ؛ لما فيها من الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، والعامّ (٢) المخصّص ، والمطلق (٣) المقيّد.

لأنّا نقول : إنّا لو خلّينا وأنفسنا ، لعملنا بظواهر الكتاب والسنّة مع عدم نصب القرينة على خلافها ، ولكن منعنا من ذلك في القرآن ؛ للمنع من اتّباع المتشابه وعدم بيان حقيقته ، ومنعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تفسير القرآن ، ولا ريب في أنّ غير النصّ محتاج إلى التفسير.

__________________

(١) كذا في (ص) ، وفي غيرها : «تمهّد».

(٢) في غير (ل) و (م) زيادة «و» ، وما أثبتناه مطابق للمصدر.

(٣) في غير (ل) و (م) زيادة «و» ، وما أثبتناه مطابق للمصدر.

وأيضا : ذمّ الله تعالى على اتّباع الظنّ وكذا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوصياؤه عليهم‌السلام ، ولم يستثنوا ظواهر القرآن.

إلى أن قال :

وأمّا الأخبار ، فقد سبق أنّ أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام كانوا عاملين بأخبار الآحاد (١) من غير فحص عن مخصّص أو معارض ناسخ أو مقيّد ، ولو لا هذا لكنّا في العمل بظواهر الأخبار أيضا من المتوقّفين (٢) ، انتهى.

المناقشة فيها أفاده السيّد الصدر

أقول : وفيه مواقع للنظر ، سيّما في جعل العمل بظواهر الأخبار من جهة قيام الإجماع العمليّ ، ولولاه لتوقّف في العمل بها أيضا ؛ إذ لا يخفى أنّ عمل أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام بظواهر الأخبار لم يكن لدليل شرعيّ خاصّ وصل إليهم من أئمّتهم ، وإنّما كان أمرا مركوزا في أذهانهم بالنسبة إلى مطلق الكلام الصادر من المتكلّم لأجل الإفادة والاستفادة ، سواء كان من الشارع أم غيره ، وهذا المعنى جار في القرآن أيضا على تقدير كونه ملقى للإفادة والاستفادة ، على ما هو الأصل في خطاب كلّ متكلّم.

نعم ، الأصل الأوّلي هي حرمة العمل بالظنّ ، على ما عرفت مفصّلا ، لكنّ الخارج منه ليس خصوص ظواهر الأخبار حتّى يبقى الباقي ، بل الخارج منه هو مطلق الظهور الناشئ عن كلام كلّ متكلّم القى إلى غيره للإفهام.

__________________

(١) كذا في (ظ) ، وفي غيرها : «واحد».

(٢) شرح الوافية (مخطوط) : ١٤٠ ـ ١٤٦.

ثمّ إنّ ما ذكره ـ من عدم العلم بكون الظواهر من المحكمات واحتمال كونها من المتشابهات ـ ممنوع :

أوّلا : بأنّ المتشابه لا يصدق على الظواهر لا لغة ولا عرفا ، بل يصحّ سلبه عنه ، فالنهي الوارد عن اتّباع المتشابه لا يمنع ؛ كما اعترف به في المقدّمة الاولى ، من أنّ مقتضى القاعدة وجوب العمل بالظواهر.

وثانيا : بأنّ احتمال كونها من المتشابه لا ينفع في الخروج عن الأصل الذي اعترف به.

ودعوى اعتبار العلم بكونها من المحكم هدم لما اعترف به من أصالة حجّية الظواهر ؛ لأنّ مقتضى ذلك الأصل جواز العمل إلاّ أن يعلم كونه (١) ممّا نهى الشارع عنه.

وبالجملة : فالحقّ ما اعترف به قدس‌سره ، من أنّا لو خلّينا وأنفسنا لعملنا بظواهر الكتاب ، ولا بدّ للمانع من إثبات المنع.

ثمّ إنّك قد عرفت ممّا ذكرنا : أنّ خلاف الأخباريّين في ظواهر الكتاب ليس في الوجه الذي ذكرنا ، من اعتبار الظواهر اللفظيّة في الكلمات الصادرة لإفادة المطالب (٢) واستفادتها (٣) ، وإنّما يكون خلافهم في أنّ خطابات الكتاب لم يقصد بها استفادة المراد من أنفسها ، بل بضميمة تفسير أهل الذكر ، أو أنّها ليست بظواهر بعد احتمال كون محكمها من المتشابه ، كما عرفت من كلام السيّد المتقدّم (٤).

__________________

(١) في (ظ) : «كونها».

(٢) في (ص) و (ل) : «المطلب».

(٣) في (ص) : «استفادته».

(٤) أي السيّد الصدر المتقدّم كلامه في الصفحة ١٥١.