رجوع استدلال التذكرة إلى ما ذكرناه
ويمكن أن ينطبق على ما ذكرنا الاستدلال المتقدّم في عبارة التذكرة بقوله قدسسره : «لأنّ المخاطب لا يدري بِمَ خوطب» (١) ؛ إذ ليس المراد : أنّ المخاطب لا يفهم منها المطلب ولو بالقرائن الخارجية ، بل المراد أنّ الخطاب بالكناية لمّا لم يدلّ على المعنى المنشأ ما لم يقصد الملزوم ؛ لأنّ اللازم الأعمّ ، كما هو الغالب بل المطّرد في الكنايات ، لا يدلّ على الملزوم ما لم يقصد المتكلّم خصوص الفرد المجامع (٢) مع الملزوم الخاص فالخطاب في نفسه محتمل ، لا يدري المخاطب بِمَ خوطب ، وإنّما يفهم المراد بالقرائن الخارجية الكاشفة عن قصد المتكلّم.
والمفروض على ما تقرّر في مسألة المعاطاة (٣) أنّ النيّة بنفسها أو مع انكشافها بغير الأقوال لا تؤثّر في النقل والانتقال ، فلم يحصل هنا عقدٌ لفظيٌّ يقع التفاهم به ، لكن هذا الوجه (٤) لا يجري في جميع ما ذكروه من أمثلة الكناية.
دعوى أن العقود أسباب شرعية توقيفية
ثمّ إنّه ربما يدّعى : أنّ العقود المؤثّرة في النقل والانتقال أسباب شرعيّة توقيفيّة ، كما حكي عن الإيضاح من أنّ كلّ عقدٍ لازم وضع له الشارع صيغة مخصوصة بالاستقراء (٥) ، فلا بدّ من الاقتصار على المتيقّن.
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ١١٩.
(٢) في «خ» ، «م» و «ش» : الجامع.
(٣) تقدّم في الوجه الأوّل من الوجوه الأربعة في معنى قوله عليهالسلام : «إنّما يحلّل الكلام ويحرّم الكلام» في الصفحة ٦١.
(٤) شطب في «ف» على «الوجه» وكتب فوقه : التوجيه.
(٥) إيضاح الفوائد ٣ : ١٢.