درس دروس في علم الاصول - الحلقة الاولی

جلسه ۵: تمهید ۵

 
۱

خطبه

۲

عناوین مطالب این جلسه

۱- معانی کلمه اجتهاد در طول تاریخ

۲- تعریف حکم شرعی

۳- تقسیم حکم شرعی

۳

مقدمه: تقسیم احکام

۱. حکم مستفاد از ادله محرزه

۱-۱. حکم مستفاد از ظاهر نص

۱-۲. حکم مستفاد از غیر نص

۲. حکم مستفاد از اصول عملیه

۴

مطلب اول: اجتهاد ۴ معنی در طول تاریخ داشته است

۱- رجوع به تفکر شخصی به عنوان مصدری از مصادر حکم شرعی. (معنای نخستین)

۲- استنباط حکم شرعی از ادله محرزه در جایی که حکم از ظاهر نص بدست نیاید. (از قرن هفتم به بعد)

۳- استنباط حکم شرعی از ادله محرزه

۴- استنباط حکم شرعی (معنای امروزی)

۵

تطبیق مطالب

۶

تطبیق مطالب

۷

تطبیق مطالب

۸

خلاصه مطالب

۹

تطبیق مطالب

۱۰

مطلب دوم: تعریف حکم شرعی و تفاوت آن با خطاب شرعی

حکم شرعی چیست؟

قانون صادر از خداوند متعال برای تنظیم زندگی بشر

خطاب شرعی چیست؟

متونی است که حاوی حکم شرعی است.

من كتابه «السرائر» عدداً من المرجّحات لإحدى البيّنتين على الاخرى ، ثمّ يعقِّب ذلك قائلاً : «ولا ترجيح بغير ذلك عند أصحابنا ، والقياس والاستحسان والاجتهاد باطل عندنا» (١).

وهكذا تدلّ هذه النصوص بتعاقبها التأريخيّ المتتابع على أنّ كلمة «الاجتهاد» كانت تعبيراً عن ذلك المبدأ الفقهيّ المتقدّم إلى أوائل القرن السابع ، وعلى هذا الأساس اكتسبت الكلمة لوناً مقيتاً وطابعاً من الكراهية والاشمئزاز في الذهنية الفقهية الإمامية ؛ نتيجةً لمعارضة ذلك المبدأ ، والإيمان ببطلانه.

ولكنّ كلمة «الاجتهاد» تطوّرت بعد ذلك في مصطلح فقهائنا ، ولا يوجد لدينا الآن نصّ شيعيّ يعكس هذا التطوّر أقدم تأريخاً من كتاب المعارج للمحقّق الحلّي المتوفّى سنة (٦٧٦ ه‍) ، إذ كتب المحقّق تحت عنوان حقيقة الاجتهاد يقول : «وهو في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية ، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام من أدلّة الشرع اجتهاداً ؛ لأنّها تبتني على اعتباراتٍ نظريةٍ ليست مستفادةً من ظواهر النصوص في الأكثر ، سواء كان ذلك الدليل قياساً أو غيره ، فيكون القياس على هذا التقرير أحد أقسام الاجتهاد.

فإن قيل : يلزم على هذا أن يكون الإمامية من أهل الاجتهاد.

قلنا : الأمر كذلك ، لكن فيه إيهام من حيث إنّ القياس من جملة الاجتهاد ، فإذا استثني القياس كنّا من أهل الاجتهاد في تحصيل الأحكام بالطرق النظرية التي ليس أحدها القياس» (٢).

ويلاحظ على هذا النصّ بوضوحٍ : أنّ كلمة «الاجتهاد» كانت لا تزال في الذهنيّة الإماميّة مثقلةً بتَبِعة المصطلح الأوّل ، ولهذا يلمح النصّ إلى أنّ هناك من

__________________

(١) السرائر ٢ : ١٧٠

(٢) معارج الاصول : ١٧٩ و ١٨٠

يتحرَّج من هذا الوصف ويثقل عليه أن يسمّي فقهاء الإماميّة مجتهدين.

ولكنّ المحقّق الحلّي لم يتحرّج عن اسم الاجتهاد بعد أن طوّره ، أو تطور في عرف الفقهاء تطويراً يتّفق مع مناهج الاستنباط في الفقه الإمامي ، إذ بينما كان الاجتهاد مصدراً للفقيه يصدر عنه ، ودليلاً يستدلّ به كما يصدر عن آيةٍ أو رواية ، أصبح في المصطلح الجديد يعبِّر عن الجهد الذي يبذله الفقيه في استخراج الحكم الشرعيّ من أدلّته ومصادره ، فلم يعدْ مصدراً من مصادر الاستنباط ، بل هو عملية استنباط الحكم من مصادره التي يمارسها الفقيه.

والفرق بين المعنيين جوهريّ للغاية ، إذ كان على الفقيه ـ على أساس المصطلح الأوّل للاجتهاد ـ أن يستنبط من تفكيره الشخصيّ وذوقه الخاصّ في حالة عدم توفّر النصّ ، فإذا قيل له : ما هو دليلك ومصدر حكمك هذا؟ استدلّ بالاجتهاد ، وقال : الدليل هو اجتهادي وتفكيري الخاصّ.

وأمّا المصطلح الجديد فهو لا يسمح للفقيه أن يبرِّر أيّ حكمٍ من الأحكام بالاجتهاد ؛ لأنّ الاجتهاد بالمعنى الثاني ليس مصدراً للحكم ، بل هو عملية استنباط الأحكام من مصادرها ، فإذا قال الفقيه : «هذا اجتهادي» كان معناه أنّ هذا هو ما استنبطه من المصادر والأدلّة ، فمن حقِّنا أن نسأله ونطلب منه أن يُدِلَّنا على تلك المصادر والأدلّة التي استنبط الحكم منها.

وقد مرّ هذا المعنى الجديد لكلمة «الاجتهاد» بتطوّرٍ أيضاً ، فقد حدّده المحقّق الحلّيّ في نطاق عمليات الاستنباط التي لا تستند إلى ظواهر النصوص ، فكلّ عملية استنباطٍ لا تستند إلى ظواهر النصوص تسمّى اجتهاداً دون ما يستند إلى تلك الظواهر. ولعلّ الدافع إلى هذا التحديد أنّ استنباط الحكم من ظاهر النصّ ليس فيه كثير جهدٍ أو عناءٍ علميٍّ ليسمّى اجتهاداً.

ثمّ اتّسع نطاق الاجتهاد بعد ذلك ؛ فأصبح يشمل عملية استنباط الحكم من

ظاهر النصّ أيضاً ؛ لأنّ الاصوليِّين بعد هذا لاحظوا بحقٍّ أنّ عملية استنباط الحكم من ظاهر النصّ تستبطن كثيراً من الجهد العلميّ في سبيل معرفة الظهور وتحديده وإثبات حجّية الظهور العرفي.

ولم يقف توسّع الاجتهاد كمصطلحٍ عند هذا الحدّ ، بل شمل في تطوّرٍ حديثٍ عملية الاستنباط بكلّ ألوانها ، فدخلت في الاجتهاد كلّ عمليةٍ يمارسها الفقيه لتحديد الموقف العمليّ تجاه الشريعة عن طريق إقامة الدليل على الحكم الشرعي ، أو على تعيين الموقف العمليّ مباشرة.

وهكذا أصبح الاجتهاد يرادف عملية الاستنباط ، وبالتالي أصبح علم الاصول العلم الضروريّ للاجتهاد ؛ لأنّه العلم بالعناصر المشتركة في عملية الاستنباط.

[تفسير موقف المعارضين للاجتهاد] :

وعلى هذا الضوء يمكننا أن نفسِّر موقف جماعةٍ من علمائنا الأخيار ممّن عارضوا كلمة «الاجتهاد» بما تحمل من تراث المصطلح الأوّل الذي شنّ أهل البيت عليهم‌السلام حملةً شديدةً عليه ، وهو يختلف عن الاجتهاد بالمعنى الثاني ، وما دمنا قد ميّزنا بين معنيَيِ الاجتهاد فنستطيع أن نعيد إلى المسألة بداهتها ، ونتبيَّن بوضوحٍ جواز الاجتهاد بالمعنى المرادف لعملية الاستنباط ، وتترتّب على ذلك ضرورة الاحتفاظ بعلم الاصول لدراسة العناصر المشتركة في عملية الاستنباط.

الحكم الشرعيّ وتقسيمه

عرفنا أنّ علم الاصول يدرس العناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي ، ولأجل ذلك يجب أن نكوّن فكرةً عامّةً منذ البدء عن الحكم الشرعيّ الذي يقوم علم الاصول بتحديد العناصر المشتركة في عملية استنباطه.

[تعريف الحكم الشرعي] :

الحكم الشرعى : هو التشريع الصادر من الله تعالى لتنظيم حياة الإنسان. والخطابات الشرعية في الكتاب والسنّة مبرزة للحكم وكاشفة عنه ، وليست هي الحكم الشرعيّ نفسه.

وعلى هذا الضوء يكون من الخطأ تعريف الحكم الشرعيّ بالصيغة المشهورة بين قدماء الاصوليِّين ، إذ يعرِّفونه بأ نّه (الخطاب الشرعيّ المتعلّق بأفعال المكلَّفين) (١) ، فإنّ الخطاب كاشف عن الحكم ، والحكم هو مدلول الخطاب.

أضف إلى ذلك : أنّ الحكم الشرعيّ لا يتعلّق بأفعال المكلَّفين دائماً ، بل قد يتعلّق بذواتهم ، أو بأشياء اخرى ترتبط بهم ؛ لأنّ الهدف من الحكم الشرعيّ تنظيم حياة الإنسان ، وهذا الهدف كما يحصل بخطابٍ متعلّقٍ بأفعال المكلَّفين ـ كخطاب «صلِّ» و «صُمْ» و «لا تَشرب الخمر» ـ كذلك يحصل بخطابٍ متعلّقٍ بذواتهم ، أو بأشياء اخرى تدخل في حياتهم ، من قبيل الأحكام والخطابات التي تنظِّم علاقة الزوجية وتعتبر المرأة زوجةً للرجل في ظلّ شروطٍ معيّنة ، أو تنظِّم علاقة الملكية

__________________

(١) القواعد والفوائد ١ : ٣٩ ، قاعدة [٨]