وحينئذٍ فلو لم يعلم المتبايعان جواز الاستصباح بهذا الدهن وتعاملا من غير قصد إلى هذه الفائدة كانت المعاملة باطلة ؛ لأنّ المال مبذول مع الإطلاق في مقابل الشيء باعتبار الفوائد المحرّمة.
نعم (١) ، لو علمنا عدم التفات المتعاملين إلى المنافع أصلاً ، أمكن صحّتها ؛ لأنّه مال واقعي شرعاً قابل لبذل المال بإزائه ، ولم يقصد به ما لا يصحّ (٢) بذل المال بإزائه من المنافع المحرّمة ، ومرجع هذا في الحقيقة إلى أنّه لا يشترط إلاّ عدم قصد المنافع المحرّمة ، فافهم.
عدم اعتبار قصد الاستصباح اذا كان من المنافع الغالبة أو المساوية
وأمّا فيما كان الاستصباح منفعة غالبة بحيث كان ماليّة الدهن باعتباره كالأدهان المعدّة للإسراج فلا يعتبر في صحّة بيعه قصده أصلاً ؛ لأنّ الشارع قد قرّر ماليّته العرفيّة بتجويز الاستصباح به وإن فرض حرمة سائر منافعه ، بناءً على أضعف الوجهين ، من وجوب الاقتصار في الانتفاع بالنجس على مورد النصّ.
وكذا إذا كان الاستصباح منفعة مقصودة (٣) مساوية (٤) لمنفعة الأكل المحرّم كالألية والزيت وعصارة السمسم فلا يعتبر قصد المنفعة المحلّلة فضلاً عن اشتراطه ؛ إذ يكفي في ماليّته وجود المنفعة المقصودة المحلّلة ، غاية الأمر كون حرمة منفعته الأُخرى المقصودة نقصاً فيه يوجب الخيار للجاهل.
__________________
(١) في «ف» ، «خ» ، «م» ، «ع» : ثم.
(٢) في «ش» : ما لم يصحّ.
(٣) في «ف» : موجودة.
(٤) في أكثر النسخ : متساوية.