حكم الإنشاء المنبيء عن الكذب

النهي عن الوعد مع إضمار عدم الوفاء ، وهو المراد ظاهراً بقوله تعالى ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (١) ، بل الظاهر عدم كونه كذباً حقيقيّا ، وأنّ إطلاق الكذب عليه في الرواية لكونه في حكمه من حيث الحرمة ، أو لأنّ الوعد مستلزم للإخبار بوقوع الفعل ، كما أنّ سائر الإنشاءات كذلك ؛ ولذا ذكر بعض الأساطين : أنّ الكذب وإن كان من صفات الخبر ، إلاّ أنّ حكمه يجري في الإنشاء المنبئ عنه ، كمدح المذموم ، وذم الممدوح ، وتمنّي المكاره (٢) ، وترجّي غير المتوقّع ، وإيجاب غير الموجب ، وندب غير النادب ، ووعد غير العازم (٣).

خلف الوعد لا يدخل في الكذب

هل يحرم خلف الوعد؟

وكيف كان ، فالظاهر عدم دخول خلف الوعد في الكذب ؛ لعدم كونه من مقولة الكلام ، نعم ، هو كذب للوعد ، بمعنى جعله مخالفاً للواقع ، كما أنّ إنجاز الوعد صدق له ، بمعنى جعله مطابقاً للواقع ، فيقال : «صادق الوعد» و «وعد غير مكذوب». والكذب بهذا المعنى ليس محرّماً على المشهور وإن كان غير واحد من الأخبار ظاهراً في حرمته (٤) ، وفي بعضها الاستشهاد بالآية المتقدمة.

الكذب في الهزل

ثم إنّ ظاهر الخبرين الأخيرين خصوصاً المرسلة حرمة الكذب حتى في الهَزْل ، ويمكن أن يراد به : الكذب في مقام الهَزْل ، وأمّا نفس‌

__________________

(١) الصف : ٣.

(٢) في «ف» : وتمنّي ما يكره الكاره.

(٣) شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٢٠.

(٤) انظر الوسائل ٨ : ٥١٥ ، الباب ١٠٩ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث ٢ و ٣ ، وأيضاً ١١ : ٢٧٠ ، الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ٦ و ١١.

۲۷۲۱