سواء كانت المعاوضة لازمة أم جائزة.

القربة في العبادات المستأجرة

وأمّا تأتّي القربة في العبادات المستأجرة ، فلأنّ الإجارة إنّما تقع على الفعل المأتي به تقرّباً إلى الله ، نيابة عن فلان.

توضيحه : أنّ الشخص يجعل نفسه نائباً عن فلان في العمل متقرّباً إلى الله ، فالمنوب عنه يتقرّب إليه تعالى بعمل نائبه وتقرّبه ، وهذا الجعل في نفسه مستحبّ ؛ لأنّه إحسان إلى المنوب عنه وإيصال نفع إليه ، وقد يستأجر الشخص عليه فيصير واجباً بالإجارة وجوباً توصّلياً لا يعتبر فيه التقرّب.

فالأجير إنّما يجعل نفسه لأجل استحقاق الأُجرة نائباً عن الغير في إتيان العمل الفلاني تقرّباً إلى الله ، فالأُجرة في مقابل النيابة في العمل المتقرّب به إلى الله التي مرجع نفعها إلى المنوب عنه ، وهذا بخلاف ما نحن فيه ؛ لأنّ الأُجرة هنا في مقابل العمل تقرّباً إلى الله لأنّ العمل بهذا الوجه لا يرجع نفعه إلاّ إلى العامل ؛ لأنّ المفروض أنّه يمتثل ما وجب على نفسه ، بل في مقابل نفس العمل ، فهو يستحقّ نفس العمل ، والمفروض أنّ الإخلاص إتيان العمل لخصوص أمر الله تعالى (١) ، والتقرّب يقع للعامل دون الباذل ، ووقوعه للعامل يتوقّف على أن لا يقصد بالعبادة سوى امتثال أمر الله تعالى.

فإن قلت : يمكن للأجير أن يأتي بالفعل مخلصاً لله تعالى ، بحيث لا يكون للإجارة دخل في إتيانه فيستحقّ الأُجرة ، فالإجارة غير مانعة‌

__________________

(١) شطب في «ف» على عبارة «لأنّ العمل إلى تعالى» ، وكتب عليها في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ش» : نسخة.

۲۷۲۱