لكنّه لا يبعد دعوى كونها موضوعة للصحيحة أيضا ، وأنّ الموضوع له هو العقد المؤثّر لأثر كذا شرعا وعرفا (١).

والاختلاف بين الشرع والعرف فيما يعتبر في تأثير العقد (٢) لا يوجب الاختلاف بينهما في المعنى (٣) ، بل الاختلاف في المحقّقات والمصاديق وتخطئة الشرع العرف (٤) في تخيّل كون العقد بدون ما اعتبره في تأثيره محقّقا لما هو

__________________

(١) والأولى أن يقول : «إنّ الموضوع له شرعا وعرفا هو العقد المؤثّر لأثر كذا». بيان ذلك : أنّ في قوله : «شرعا وعرفا» وجهين :

الأوّل : أن يكون قيدا لقوله : «المؤثّر» ، فيكون معنى العبارة : «إنّ الموضوع له اللفظ هو العقد المؤثّر عند العرف والشرع» ، وهذا غير مسموع ، إذ لا شارع حين الوضع كي يلحظ الواضع المؤثّر عنده كما يلحظ المؤثّر عند العرف ويضع اللفظ للمؤثّر عندهما ، بداهة أنّ المعاملات امور عرفيّة ثابتة قبل زمان الشارع وتضع الألفاظ لها في ذلك الزمان. مضافا إلى أنّه لو كان الموضوع له ألفاظ المعاملات هو العقد المؤثّر عند العرف والشرع ، فلا معنى لكثير من الأدلّة الشرعيّة الّتي مفادها إمضاء المعاملات من الشارع ، كقوله تعالى : ﴿أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ البقرة / ٢٧٥ ، بداهة أنّه لا معنى لإمضاء الشارع ما كان مؤثّرا عنده ، فهو من تحصيل الحاصل ، كما لا معنى لنهي الشارع عن بيع وهو المؤثّر عنده.

الثاني : أن يكون قيدا لقوله : «الموضوع له» ، فيكون معنى العبارة : «انّ الموضوع له اللفظ عند الشارع والعرف هو العقد المؤثّر لأثّر كذا» ، فالموضوع له عندهما واحد ، وهو العقد المؤثّر ، وإنّما الاختلاف بينهم في تعيين مصداق العقد المؤثّر ، ولمّا كان الشارع عالما بدقائق الامور ويعلم مصاديق العقد المؤثّر فيخطّئ العرف الّذي لم يطّلع على دقائق الامور فيما يتخيّل أنّ العقد بدون الشرط ـ مثلا ـ مصداق لما هو المؤثّر.

فالأولى بل الصحيح هو الوجه الثاني.

(٢) كاختلافهم في اعتبار البلوغ والقبض في المجلس.

(٣) وخالفه السيّد الإمام الخمينيّ بأنّه بناء على كون الأسامي موضوعا للصحيح من الأسباب يرجع الاختلاف بينهما إلى المفهوم ، لا المصاديق فقط ، لأنّ الموضوع له ـ بناء على وضعها للصحيح من الأسباب ـ هو ماهيّة إذا وجدت في الخارج لا تنطبق إلّا على الصحيح المؤثّر ، وهو عند الشرع غير الصحيح المؤثّر عند العرف ، فالماهيّة المنطبقة عليه لدى الشرع غير الماهيّة المنطبقة عليه لدى العرف ، فهما يختلفان في المفهوم والماهيّة. مناهج الوصول ١ : ١٠٧ ـ ١٧١.

(٤) أي : يوجب تخطئة الشرع للعرف.

۲۹۶۱