خاليا عن قرينة على الوجوب أو الإباحة أو التبعيّة. ومع فرض التجريد عنها لم يظهر بعد كون عقيب الحظر موجبا لظهورها في غير ما تكون ظاهرة فيه ، غاية الأمر يكون موجبا لإجمالها ، غير ظاهرة في واحد منها إلّا بقرينة اخرى كما أشرنا (١).

المبحث الثامن

[عدم دلالة الصيغة على المرّة والتكرار]

الحقّ أنّ الصيغة (٢) مطلقا لا دلالة لها على المرّة ولا التكرار ، فإنّ المنصرف عنها ليس إلّا طلب إيجاد الطبيعة المأمور بها ، فلا دلالة لها على أحدهما ، لا بهيئتها ولا بمادّتها.

والاكتفاء بالمرّة فإنّما هو لحصول الامتثال بها في الأمر بالطبيعة ، كما لا يخفى (٣).

ثمّ لا يذهب عليك أنّ الاتّفاق على أنّ المصدر المجرّد عن اللام والتنوين لا يدلّ إلّا على الماهيّة ـ على ما حكاه السكّاكيّ (٤) ـ لا يوجب كون النزاع هاهنا

__________________

(١) وتظهره الثمرة في مثل قوله تعالى : ﴿وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا المائدة / ٢ ، فإنّه أمر بالاصطياد ، وقع عقيب حرمة الاصطياد في حال الإحرام ، حيث قال تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ المائدة / ٩٥ ، فإذا قلنا بأنّ الأمر الواقع عقيب الحظر مجمل ولا ظهور له في شيء فلا يدلّ قوله تعالى : ﴿فَاصْطادُوا على الوجوب ولا على غيره ، ويرجع إلى الاصول العمليّة ، إلّا إذا قامت قرينة خاصّة على أحدها ، وإذا قلنا بأنّ الأمر الواقع عقيب الحظر ظاهر في الوجوب فيدلّ قوله تعالى : ﴿فَاصْطادُوا على الوجوب ، وهكذا.

(٢) وفي بعض النسخ : «صيغة الأمر».

(٣) هذا جواب عن اشكال مقدّر. وهو : أنّه لو لا دلالة الصيغة على المرّة لم يكتفى بالمرّة في مقام الامتثال؟ فالاكتفاء بالمرّة كاشف عن دلالتها على المرّة.

فأجاب عنه بأنّ الاكتفاء بالمرّة ليس لأجل دلالة الصيغة عليه ، بل هو لحكم العقل بحصول الامتثال بالمرّة فيما إذا امر بالطبيعة ، فإنّ الطبيعيّ يوجد بوجود فرده.

(٤) مفتاح العلوم (علم البيان) : ٩٣.

۲۹۶۱