والباعث على طلبه ، وليس الغرض من المقدّمة إلّا حصول ما لولاه لما أمكن حصول ذي المقدّمة ، ضرورة أنّه لا يكاد يكون الغرض إلّا ما يترتّب عليه من فائدته وأثره ، ولا يترتّب على المقدّمة إلّا ذلك (١) ، ولا تفاوت فيه (٢) بين ما يترتّب عليه الواجب وما لا يترتّب عليه أصلا ، وأنّه لا محالة يترتّب عليهما ، كما لا يخفى (٣).

وأمّا ترتّب الواجب ، فلا يعقل أن يكون الغرض الداعي إلى إيجابها والباعث على طلبها ، فإنّه ليس بأثر تمام المقدّمات ـ فضلا عن إحداها ـ في غالب الواجبات (٤) ، فإنّ الواجب إلّا ما قلّ في الشرعيّات والعرفيّات فعل اختياريّ يختار المكلّف تارة إتيانه بعد وجود تمام مقدّماته واخرى عدم إتيانه ، فكيف يكون اختيار إتيانه غرضا (٥) من إيجاب كلّ واحدة من مقدّماته مع عدم ترتّبه على تمامها (٦) ـ فضلا عن كلّ واحدة منها ـ؟

نعم ، فيما كان الواجب من الأفعال التسبيبيّة والتوليديّة كان مترتّبا لا محالة على تمام مقدّماته ، لعدم تخلّف المعلول عن علّته.

__________________

(١) أي : حصول ما لولاه لما أمكن حصول ذي المقدّمة.

(٢) أي : لا تفاوت في الغرض المذكور.

(٣) هذا هو الوجه الأوّل من الإيرادات الثلاثة الّتي أوردها المصنّف على مقالة صاحب الفصول.

ولكن أجاب عنه المحقّق الاصفهانيّ وادّعى أنّه لا يمكن أن يكون الغرض إلّا ما سلكه صاحب الفصول من ترتّب ذي المقدّمة على المقدّمة. وذلك لأنّ الغرض الأصيل حيث يترتّب على وجود المعلول فالغرض التبعيّ من أجزاء علّته هو ترتّب وجوده على وجودها إذا وقعت على ما هي عليه من اتّصاف السبب بالسببيّة والشرط بالشرطيّة وفعليّة الدخل في تأثير المقتضي. فوقوع كلّ مقدّمة على صفة المقدّميّة ملازم لوقوع الاخرى على تلك الصفة ووقوع ذيها في الخارج. فالمطلوب بالتبع ليس إلّا المقدّمة الّتي لا تنفكّ عن ذيها ، وهي المقدّمة الموصلة. نهاية الدراية ١ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥.

(٤) أي : الترتّب ليس بأثر مجموع مقدّمات الواجب في غالب الواجبات فضلا عن أن يكون أثر إحداها. والأولى أن يقول : «فضلا عن كلّ واحدة منها».

(٥) وكان الأولى أن يقول : «فكيف يكون ترتّب الواجب على المقدّمة غرضا ...».

(٦) وفي بعض النسخ : «على تامّها» ، وفي بعض آخر : «على عامّها». والمراد واضح.

۲۹۶۱