ولا يقاس على ما إذا أتى بالفرد المحرّم منها ، حيث يسقط به الوجوب مع أنّه ليس بواجب ؛ وذلك لأنّ الفرد المحرّم إنّما يسقط به الوجوب لكونه كغيره في حصول الغرض به بلا تفاوت أصلا ، إلّا أنّه لأجل وقوعه على صفة الحرمة لا يكاد يقع على صفة الوجوب. وهذا بخلاف هاهنا (١) ، فإنّه إن كان كغيره ممّا يقصد به التوصّل في حصول الغرض فلا بدّ أن يقع على صفة الوجوب مثله ، لثبوت المقتضي فيه بلا مانع ، وإلّا لما كان يسقط به الوجوب ضرورة ، والتالي باطل بداهة ، فيكشف هذا عن عدم اعتبار قصده في الوقوع على صفة الوجوب قطعا ، وانتظر لذلك تتمّة توضيح.
والعجب أنّه (٢) شدّد النكير على القول بالمقدّمة الموصلة واعتبار ترتّب ذي المقدّمة عليها في وقوعها على صفة الوجوب (٣) ـ على ما حرّره بعض مقرّري بحثه قدسسره ـ بما يتوجّه على اعتبار قصد التوصّل في وقوعها كذلك (٤) ، فراجع تمام كلامه «زيد في علوّ مقامه» وتأمّل في نقضه وإبرامه (٥).
وأمّا عدم اعتبار ترتّب ذي المقدّمة عليها في وقوعها على صفة الوجوب : فلأنّه لا يكاد يعتبر في الواجب إلّا ما له دخل في غرضه الداعي إلى إيجابه
__________________
(١) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «بخلاف ما هاهنا».
(٢) أي : الشيخ الأنصاريّ.
(٣) وهذا ما سلكه صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٨١ ـ ٨٢.
(٤) أي : على صفة الوجوب.
(٥) وملخّص ما أفاده ـ على ما في مطارح الأنظار : ٧٥ ـ أنّه استشكل على صاحب الفصول بثلاثة وجوه :
الأوّل : أنّ الوجه في حكم العقل بوجوب المقدّمة ليس إلّا أنّ عدم المقدّمة يوجب عدم المطلوب ، وهذه الحيثيّة لا تختصّ بالمقدّمات الموصلة ، بل تشترك فيها جميع المقدّمات.
الثاني : أنّ القول بوجوب المقدّمة الموصلة يستلزم القول بوجوب مطلق المقدّمة ، لأنّ الأمر بالمقيّد بقيد خارجيّ مستلزم للأمر بذات المقيّد.
الثالث : أنّ الوجدان يشهد بسقوط الطلب بعد وجودها من غير انتظار ترتّب ذي المقدّمة.
ولا يخفى عليك : أنّ هذه الوجوه بعينها واردة على القول المنسوب إلى الشيخ من اعتبار قصد التوصّل إلى ذي المقدّمة في وقوع المقدّمة على صفة الوجوب. ولكن قد مرّ الكلام في نسبته إلى الشيخ. بل ورودها عليه يؤيّد عدم صحّة النسبة.