مائع (١) آخر خمرا ، فشرباهما ، فاتّفق مصادفة أحدهما للواقع ومخالفة الآخر : فإمّا أن يستحقّا العقاب ، أو لا يستحقّه أحدهما ، أو يستحقّه من صادف قطعه الواقع دون الآخر ، أو العكس.
لا سبيل إلى الثاني والرابع ، والثالث مستلزم لإناطة استحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار ، وهو مناف لما يقتضيه العدل ، فتعيّن الأوّل (٢).
ويمكن الخدشة في الكلّ :
المناقشة في الإجماع
أمّا الإجماع ، فالمحصّل منه غير حاصل ، والمسألة عقليّة ، خصوصا مع مخالفة غير واحد ، كما عرفت من النهاية (٣) وستعرف من قواعد الشهيد قدسسره (٤) ، والمنقول منه ليس حجّة في المقام.
المناقشة في بناء العقلاء
وأمّا بناء العقلاء ، فلو سلّم فإنّما هو على مذمّة الشخص من حيث إنّ هذا الفعل يكشف عن وجود صفة الشقاوة فيه ، لا على نفس فعله ، كمن انكشف لهم من حاله أنّه بحيث لو قدر على قتل سيّده لقتله ؛ فإنّ المذمّة على المنكشف ، لا الكاشف.
ومن هنا يظهر الجواب عن قبح التجرّي ؛ فإنّه لكشف ما تجرّى به عن خبث الفاعل (٥) ، لا عن كون الفعل مبغوضا للمولى.
والحاصل : أنّ الكلام في كون هذا الفعل ـ الغير المنهيّ عنه واقعا ـ مبغوضا للمولى من حيث تعلّق اعتقاد المكلّف بكونه مبغوضا ، لا في أنّ
__________________
(١) في (ت) ونسخة بدل (ه) زيادة : «معيّن».
(٢) انظر ذخيرة المعاد : ٢٠٩ و ٢١٠.
(٣) راجع الصفحة السابقة.
(٤) انظر الصفحة ٤٩ ـ ٥٠.
(٥) في (ر) و (ص) زيادة : «لكونه جريئا عازما على العصيان والتمرّد».