والحاصل أنّ ما هو غير مشكوك البقاء ـ إمّا وجدانا أو تعبّدا ـ لا يقين بحدوثه أصلا ، وهو الحصّة بما لها من التعيّن الخاصّ ، وما هو متيقّن الحدوث هو مشكوك البقاء وجدانا ، وهو ذات الحصّة ، لا بما لها من التعيّن الخاصّ. وقد أشار الشيخ قدسسره إلى هذا الجواب بقوله : «إنّه لا يقدح ذلك في استصحابه بعد فرض الشكّ في بقائه وارتفاعه» (١).
الثاني : قال الشيخ الأعظم قدسسره «توهّم كون الشكّ في بقائه مسبّبا عن الشكّ في حدوث ذلك المشكوك الحدوث ، فإذا حكم بأصالة عدم حدوثه لزمه ارتفاع القدر المشترك ؛ لأنّه من آثاره». (٢)
والجواب الصحيح هو ما أشار إليه بقوله : «فإنّ ارتفاع القدر المشترك من لوازم كون الحادث ذلك الأمر المقطوع الارتفاع ، لا من لوازم عدم حدوث الأمر الآخر. نعم ، اللازم من عدم حدوثه هو عدم وجود ما هو في ضمنه من القدر المشترك في الزمان الثاني ، لا ارتفاع القدر المشترك بين الأمرين. وبينهما فرق واضح» (٣).
توضيح ما أفاده من الجواب أنّا نمنع أن يكون الشكّ في بقاء القدر المشترك ـ أي الكلّي ـ مسبّبا عن الشكّ في حدوث الفرد الطويل وعدمه ؛ لأنّ وجود الكلّيّ ـ حسب الفرض ـ متيقّن الحدوث من أوّل الأمر ، إمّا في ضمن القصير ، أو الطويل ، فلا يعقل أن يكون عدمه بعد وجوده مستندا إلى عدم الفرد الطويل من الأوّل ، وإلاّ لما وجد من الأوّل ، بل في الحقيقة أنّ الشكّ في بقاء الكلّي ـ أي في وجوده وعدمه ـ بعد فرض القطع بوجوده مستند إلى احتمال وجود هذا الفرد الطويل ، مع احتمال وجود ذلك الفرد القصير ، يعني يستند إلى الاحتمالين معا ، لا لخصوص احتمال وجود الطويل ؛ إذ يحتمل بقاء وجوده الأوّل ؛ لاحتمال حدوث الطويل ، ويحتمل عدمه بعد الوجود ؛ لاحتمال حدوث القصير المرتفع قطعا في ثاني الحال.
والحاصل أنّ احتمال وجود الكلّيّ وعدمه في ثاني الحال مسبّب عن الشكّ في أنّ الحادث المعلوم هل هو الطويل أو القصير؟ لا أنّه مسبّب عن خصوص احتمال حدوث الطويل ، حتى يكون نفيه بالأصل موجبا لنفي الشكّ في وجود الكلّي في ثاني الحال ،
__________________
(١ ـ ٢ ـ ٣). فرائد الأصول ٢ : ٦٣٩.