يكون له عمر قصير فهو مرتفع جزما في الزمان الثاني. ومن أجل هذا الترديد يحصل له الشكّ في بقاء الكلّيّ.
مثاله ما إذا علم على الإجمال بخروج بلل مردّد بين أن يكون بولا أو منيّا ، ثمّ توضّأ ، فإنّه في هذا الحال يتيقّن بحصول الحدث الكلّيّ في ضمن هذا الفرد المردّد ، فإن كان البلل بولا فحدثه أصغر قد ارتفع بالوضوء جزما ، وإن كان منيّا فحدثه أكبر لم يرتفع بالوضوء ، فعلى القول بجريان استصحاب الكلّيّ يستصحب هنا كلّيّ الحدث ، فتترتّب عليه آثار كلّيّ الحدث ، مثل حرمة مسّ المصحف ، أمّا : آثار خصوص الحدث الأكبر أو الأصغر فلا تترتّب ، مثل حرمة دخول المسجد ، وقراءة العزائم.
٣. أن يكون الشكّ في بقاء الكلّيّ من جهة الشكّ في وجود فرد آخر مقام الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه ، أي إنّ الشكّ في بقاء الكلّيّ مستند إلى احتمال وجود فرد ثان ، غير الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه ؛ لأنّه إن كان الفرد الثاني قد وجد واقعا ، فإنّ الكلّيّ باق بوجوده. وإن لم يكن قد وجد فقد انقطع وجود الكلّيّ بارتفاع الفرد الأوّل. (١)
أمّا القسم الأوّل : فالحقّ فيه جريان الاستصحاب بالنسبة إلى الكلّيّ ، فيترتّب عليه أثره الشرعيّ ، كما لا كلام في جريان استصحاب نفس الفرد ، فيترتّب عليه أثره الشرعيّ بما له من الخصوصيّة الفرديّة. وهذا لا خلاف فيه.
وأمّا القسم الثاني : فالحقّ فيه أيضا جريان الاستصحاب بالنسبة إلى الكلّيّ ، وأمّا : بالنسبة إلى الفرد فلا يجري قطعا ، بل الفرد يجري فيه استصحاب عدم خصوصيّة الفرد ، ففي المثال المتقدّم يجري استصحاب كلّيّ الحدث بعد الوضوء ، فلا يجوز له مسّ المصحف ، أمّا : بالنسبة إلى خصوصيّة الفرد فالأصل عدمها ، فما هو آثار خصوص الجنابة ـ مثلا ـ لا يجب الأخذ بها ، فلا يحرم قبل الغسل ما يحرم على الجنب ، من نحو دخول المساجد ، وقراءة العزائم ، كما تقدّم. (٢)
ولأجل بيان صحّة جريان الاستصحاب في الكلّيّ في هذا القسم الثاني ، وحصول
__________________
(١) وهذا القسم على نحوين ، كما سيأتي في الصفحة : ٣٠٠.
(٢) تقدّم قبل أسطر.