مع حفظ الإمام ، وبالعكس ؛ فإنّ هذا ونحوه يكون حاكما على أدلّة حكم الشكّ ؛ لأنّ لسانه إخراج شكّ كثير الشكّ وشكّ المأموم أو الإمام عن حضيرة صفة الشكّ تنزيلا ، فمن حقّه حينئذ ألاّ يعطى له أحكام الشكّ من نحو إبطال الصلاة ، أو البناء على الأكثر ، أو الأقلّ ، أو غير ذلك.
وإنّما قلنا : «الحكومة في بعض مواردها كالتخصيص» ؛ فلأنّ بعض موارد الحكومة الأخرى عكس التخصيص ؛ لأنّ الحكومة على قسمين : قسم يكون التصرّف فيها بتضييق الموضوع ، كالأمثلة المتقدّمة ، وقسم بتوسعته ، مثل ما لو قال ـ عقيب الأمر بإكرام العلماء ـ : «المتّقي عالم» ؛ فإنّ هذا يكون حاكما على الأوّل ، وليس فيه إخراج ، بل هو تصرّف في الموضوع بتوسعة معنى العالم ادّعاء إلى ما يشمل المتّقي ؛ تنزيلا للتقوى منزلة العلم ، فيعطى للمتّقي حكم العلماء من وجوب الإكرام ، ونحوه.
ومثاله في الشرعيّات «الطواف صلاة» ؛ فإنّ هذا التنزيل يعطي للطواف الأحكام المناسبة التي تخصّ الصلاة من نحو أحكام الشكوك ، ومثله «لحمة الرضاع كلحمة النسب» الموسّع لموضوع أحكام النسب.
ب. الورود
وأمّا : الفرق بين الحكومة وبين الورود ، فنقول :
كما قلنا : إنّ الحكومة كالتخصيص في النتيجة ، كذلك الورود كالتخصّص في النتيجة ؛ لأنّ كلاّ من الورود والتخصّص خروج الشيء بالدليل عن موضوع دليل آخر ، خروجا حقيقيّا. ولكنّ الفرق أنّ الخروج في التخصّص خروج بالتكوين بلا عناية التعبّد من الشارع ، كخروج الجاهل عن موضوع دليل «أكرم العلماء» ، فيقال : «إنّ الجاهل خارج عن عموم العلماء تخصّصا» ؛ وأمّا : في الورود فإنّ الخروج من الموضوع بنفس التعبّد من الشارع بلا خروج تكوينيّ ، فيكون الدليل الدالّ على التعبّد واردا على الدليل المثبت لحكم موضوعه.
مثاله دليل الأمارة الوارد على أدلّة الأصول العقليّة ، كالبراءة ، وقاعدة الاحتياط ، وقاعدة التخيير ؛ فإنّ البراءة العقليّة لمّا كان موضوعها عدم البيان الذي يحكم فيه العقل بقبح العقاب