الباب التاسع
التعادل والتراجيح
تمهيد
عنون الأصوليّون من القديم هذه المسألة بعنوانها المذكور. (١)
ومرادهم من كلمة «التعادل» تكافؤ الدليلين المتعارضين في كلّ شيء يقتضي ترجيح أحدهما على الآخر.
ومرادهم من كلمة «التراجيح» : جمع «ترجيح» على خلاف القياس في جمع المصدر ؛ إذ جمعه ترجيحات. والمقصود منه المصدر بمعنى الفاعل ، أي المرجّح.
وإنّما جاءوا به على صيغة الجمع ، دون «التعادل» (٢) ؛ لأنّ المرجّحات بين الدليلين المتعارضين متعدّدة ، والتعادل لا يكون إلاّ في فرض واحد ، وهو فرض فقدان كلّ المرجّحات. (٣)
__________________
(١) عنونها به بعض الأصوليّين ، كالشيخ الأنصاريّ على ما في بعض نسخ فرائد الأصول ، والعلاّمة الآشتيانيّ في بحر الفوائد ٤ : ٢ ، والأسنويّ في نهاية السئول ٤ : ٤٣٢.
وعنونها العلاّمة الحلّي بعنوان «الترجيح في الأخبار» ، والمحقّق الحلّي بعنوان «التراجيح بين الأخبار». مبادئ الوصول : ٢٢٩ ؛ معارج الأصول : ١٥٤.
(٢) وجاء بهما في الفصول على صيغة الجمع ، فقال : «التعاديل والتراجيح» ، الفصول الغرويّة : ٤٣٦.
بل جاء بهما كثير منهم على صيغة المفرد ، فقالوا : «التعادل والترجيح». معالم الدين : ٢٦٦ ؛ نهاية الأفكار ٤ : ١٢٤ ؛ فوائد الأصول ٤ : ٦٩٩ ؛ إرشاد الفحول : ٢٧٣.
(٣) ولا يخفى ما فيه ـ بعد ما مرّ في التعليقة السابقة ـ من وجهين :
الأوّل : يمكن أن يقال : إنّ التعادل هو تساوي الأدلّة في كلّ ما يوجب ترجيح أحدها على الآخر ، وجودا وعدما ، والترجيح : هو اشتمال أحدها على ما يوجب ترجيحه من دون الآخر. ـ