تصحيف وإن كانت غيرَ بعيدة، - كما يشهد به بعض الأخبار (١)، ويساعده الاعتبار (٢) -، إلّا أنّه لايمنع عن حجّيّة ظواهره ؛ لعدم العلم بوقوع خلل فيها بذلك أصلاً.
ولو سلّم فلا علمَ بوقوعه في آيات الأحكام (٣).
__________________
(١) راجع بحار الأنوار ٨٩: ٤٠، باب ما جاء في كيفيّة جمع القرآن وما يدلّ على تغييره. قال الشيخ الطوسي: أمّا الكلام في زيادته ونقصانه ( يعني القرآن ) فممّا لا يليق به ؛ لأنّ الزيادة فيه مُجمع على بطلانها، والنقصان منه، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، كما نصره المرتضى، وهو الظاهر من الروايات، غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة العامّة والخاصّة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، لكن طريقها: الآحاد التي لا توجب علماً، فالأولى: الإعراض عنها وترك التشاغل بها ؛ لأنّه يمكن تأويلها. ( التبيان ١: ٣ ).
(٢) قال السيّد المرتضى: إنّ العلم بصحّة نقل القرآن، كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار، والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة ؛ فإنّ العناية اشتدّت، والدواعي توفّرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه ما ذكرناه ؛ لأنّ القرآن معجز النبوّة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كلّ شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً ومنقوصاً، مع العناية الصادقة والضبط الشديد. ( مجمع البيان ١: ٤٣ نقلاً عنه ) وبهذا يظهر الإشكال في ما ذكره المصنّف بقوله: ويساعد عليه الاعتبار. انظر حقائق الأُصول ٢: ٨٨.
وإنّما أضفنا هنا هذين التوضيحين والتعليقين - خلافاً لما التزمنا به من ترك التعليق على آراء المصنّف - ؛ لأنّ موضوع حفظ القرآن عن التحريف يحظى بالأهميّة القصوى عند عموم علمائنا قدّس الله أسرارهم.
(٣) هذان الجوابان أفادهما الشيخ الأعظم أيضاً. انظر فرائد الأُصول ١: ١٥٨.