الحجّة غيرِ المجعولة، فلا يلزم اجتماع حكمين - مثلين أو ضدّين -، ولا طلب الضدّين، ولا اجتماع المفسدة والمصلحة، ولا الكراهة والإرادة، كما لا يخفى.
وأمّا تفويت مصلحة الواقع، أو الإلقاء في مفسدته، فلا محذور فيه أصلاً إذا كانت في التعبّد به مصلحة غالبةٌ على مفسدة التفويت أو الإلقاء.
الوجه الثاني
نعم، لو قيل باستتباع جعل الحجّيّة للأحكام التكليفيّة (١)، أو بأنّه لا معنى لجعلها إلّا جعل تلك الأحكام (٢)، فاجتماع حكمين وإن كان يلزم، إلّا أنّهما ليسا بمثلين أو ضدّين:
لأنّ أحدهما طريقيٌّ عن مصلحةٍ في نفسه، موجبةٍ لإنشائه الموجبِ للتنجّز، أو لصحّة الاعتذار بمجرّده (٣) من دون إرادة نفسانيّة أو كراهة كذلك، متعلّقةٍ بمتعلّقه في ما يمكن هناك انقداحهما ؛ حيث إنّه مع المصلحة أو المفسدة الملزمتين في فعلٍ، وإن لم يحدث بسببها إرادة أو كراهة في المبدأ الأعلى، إلّا أنّه (٤) إذا أوحى بالحكم - الناشئ (٥) من قِبَل تلك المصلحة أو المفسدة - إلى النبيّ، أو أُلهم به الوليّ، فلا محالة ينقدح في نفسه الشريفة
__________________
(١) وهو الذي يظهر من عبارة المحقّق الكاظمي في شرحه على الوافية ( مخطوط ): ٢٤٣.
(٢) كما قد يظهر ذلك من بعض كلمات الشيخ الأعظم، ونسبه إلى المشهور أيضاً. انظر فرائد الأُصول ٣: ١٢٦.
(٣) لا يخفى عدم استقامة العبارة ؛ لأنّ الانشاء بنفسه ليس موجباً للتنجّز، بل الموجب له هو العلم بهذا الإنشاء. ( منتهى الدراية ٤: ٢٢٤ ).
(٤) في منتهى الدراية زيادة: « تعالى ».
(٥) أدرجنا ما في الأصل و « ر ». وفي « ن »، « ق »، « ش »، حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: الشأني.