فيكون وزانُ التخصيص في مورد الاجتماع، وزانَ التخصيص العقليّ الناشئ من جهة تقديم أحد المقتضيين وتأثيرِه فعلاً، المختصِّ بما إذا لم يمنع عن تأثيره مانعٌ، المقتضي لصحّة مورد الاجتماع مع الأمر، أو بدونه في ما كان هناك مانع عن تأثير المقتضي للنهي له (١)، أو عن فعليّته، كما مرّ تفصيله (٢).
وجوه ترجيح النهي على الأمر وبيان ما يرد عليها:
وكيف كان، فلابدّ في ترجيح أحد الحكمين من مرجّح. وقد ذكروا لترجيح النهي وجوهاً:
١ - النهي أقوى دلالة من الأمر
منها: أنّه أقوى دلالة ؛ لاستلزامه انتفاءَ جميع الأفراد، بخلاف الأمر.
وقد أُورد عليه (٣): بأنّ ذلك فيه من جهة إطلاق متعلّقه بقرينة الحكمة، كدلالة الأمر على الاجتزاء بأيّ فردٍ كان.
وقد أُورد عليه (٤): بأنّه لو كان العموم المستفاد من النهي بالإطلاق بمقدّمات الحكمة، وغيرَ مستند إلى دلالته عليه بالالتزام، لكان استعمال مثل « لا تغصب » في بعض أفراد الغصب حقيقةً، وهذا واضح الفساد، فتكون دلالته على العموم من جهة أنّ وقوع الطبيعة في حيّز النفي أو النهي يقتضي عقلاً سريانَ الحكم إلى جميع الأفراد ؛ ضرورة عدم الانتهاء عنها أو انتفائها إلّا بالانتهاء عن الجميع أو انتفائه.
قلت: دلالتهما على العموم والاستيعاب - ظاهراً - ممّا لا يُنكر، لكنّه من
__________________
(١) الأولى: تبديل « له » ب « فيه » ؛ لتعلّق « له » ب « تأثير ». ( منتهى الدراية ٣: ٢٠٢ ).
(٢) في عاشر الأُمور من مقدّمة الفصل.
(٣) في القوانين ١: ١٣٨، في مبحث دلالة النهي على التكرار.
(٤) لم نظفر بالمُورد.