المنعقد للمطلق ببركة مقدّمات الحكمة، ومع انتفاء المقدّمات لا يكاد ينعقد له هناك ظهور ليكون (١) ذاك العمل - المشارك مع التقييد في الأثر، وبطلانِ العمل بإطلاق المطلق - مشاركاً معه في خلاف الأصل أيضاً.
وكأنّه توهَّم: أنّ إطلاق المطلق كعموم العامّ ثابتٌ، ورَفْع اليد عن العمل به: تارةً لأجل التقييد، وأُخرى بالعمل المبطل للعمل به.
وهو فاسد ؛ لأنّه لا يكون إطلاقٌ إلّا في ما جرت هناك المقدّمات.
نعم، إذا كان التقييد بمنفصل، ودار الأمر بين الرجوع إلى المادّة أو الهيئة، كان لهذا التوهّم مجالٌ ؛ حيث انعقد للمطلق إطلاق، وقد استقرّ له ظهور ولو بقرينة الحكمة، فتأمّل.
ومنها: تقسيمه إلى النفسيّ والغيريّ.
تعريف الواجب النفسيّ والغيريّ
وحيث كان طلبُ شيءٍ وإيجابُه لا يكاد يكون بلا داعٍ، فإن كان الداعي فيه هو التوصّل به إلى واجب لا يكاد يمكن (٢) التوصّل بدونه إليه - لتوقُّفِهِ عليه -، فالواجب غيريّ، وإلّا فهو نفسيّ، سواء كان الداعي محبوبيّةَ الواجب بنفسه، كالمعرفة بالله، أو محبوبيَّته بما له من فائدة مترتّبة عليه، كأكثر الواجبات من العبادات والتوصّليّات (٣)، هذا.
الإشكال على التعريف
لكنّه لا يخفى: أنّ الداعي لو كان هو محبوبيّته كذلك - أي بما له من الفائدة المترتّبة عليه - كان الواجب في الحقيقة واجباً غيريّاً ؛ فإنّه لو لم يكن وجود هذه الفائدة لازماً لما دعا إلى إيجاب ذي الفائدة.
فإن قلت: نعم، وإن كان وجودها محبوباً لزوماً، إلّا أنّه حيث كانت من
__________________
(١) أثبتنا ما في حقائق الأُصول ومنتهى الدراية، وفي غيرهما: كان.
(٢) أثبتنا « يمكن » من حقائق الأُصول.
(٣) هذا التعريف مذكور في مطارح الأنظار ١: ٣٢٩.