دوران الأمر بين رجوع القيد إلى المادّة أو الهيئة
تتمّة:
قد عرفت اختلافَ القيود في وجوب التحصيل، وكونِه (١) مورداً للتكليف وعدمه، فإن عُلم حال قيدٍ (٢) فلا إشكال، وإن دار أمره ثبوتاً بين أن يكون راجعاً إلى الهيئة - نحو الشرط المتأخّر أو المقارن -، وأن يكون راجعاً إلى المادّة - على نهج يجب تحصيله أو لا يجب -، فإن كان في مقام الإثبات ما يعيِّن حالَهُ، وأنّه راجعٌ إلى أيّهما من القواعد العربيّة، فهو، وإلّا فالمرجع هو الأُصول العمليّة.
وجهان لترجيح إطلاق الهيئة على إطلاق المادّة
وربّما قيل (٣) - في الدوران بين الرجوع إلى الهيئة أو المادّة -، بترجيح الإطلاق في طرف الهيئة، وتقييد المادّة، لوجهين:
أحدهما: أنّ إطلاق الهيئة يكون شموليّاً، كما في شمول العامّ لأفراده ؛ فإنّ وجوب الإكرام على تقدير الإطلاق يشمل جميع التقادير الّتي يمكن أن يكون تقديراً له، وإطلاقَ المادّة يكون بدليّاً غيرَ شاملٍ لفردين في حالةٍ واحدة.
ثانيهما: أنّ تقييد الهيئة يوجب بطلانَ محلّ الإطلاق في المادّة، ويرتفع به مورده، بخلاف العكس، وكلّ ما دار الأمر بين تقييدين كذلك، كان التقييد الّذي لا يوجب بطلان الآخر أولى:
أمّا الصغرى: فلأجل أنّه لا يبقى مع تقييد الهيئة محلُّ حاجةٍ وبيانٍ لإطلاق المادّة ؛ لأنّها لا محالة لا تنفكّ عن وجود قيد الهيئة، بخلاف تقييد المادّة، فإنّ محلّ الحاجة إلى إطلاق الهيئة على حاله، فيمكن الحكم بالوجوب على تقدير وجود القيد وعدمه.
__________________
(١) الأولى: تأنيث الضمير ؛ لرجوعه إلى « القيود ». ( منتهى الدراية ٢: ٢١٤ ).
(٢) في حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: حال القيد.
(٣) القائل هو الشيخ الأعظم الأنصاريّ على ما في مطارح الأنظار ١: ٢٥١.