هذا كلّه في المقدّمة الداخليّة.
وأمّا المقدّمة الخارجيّة: فهي ما كان خارجاً عن المأمور به، وكان له دخلٌ في تحقّقه، لايكاد يتحقّق بدونه. وقد ذكر لها أقسام، واطيل الكلام في تحديدها بالنقض والإبرام، إلّا أنّه غير مهمّ في المقام.
المقدّمة العقليّة والشرعيّة والعاديّة
ومنها: تقسيمها إلى العقليّة، والشرعيّة، والعاديّة:
فالعقليّة: هي ما استحيل واقعاً وجود ذي المقدّمة بدونه.
والشرعيّة - على ما قيل (١) -: ما استحيل وجوده بدونه شرعاً.
ولكنّه لا يخفى رجوع الشرعيّة إلى العقليّة ؛ ضرورةَ أنّه لا يكاد يكون مستحيلاً ذلك شرعاً إلّا إذا أُخذ فيه شرطاً وقيداً، واستحالة المشروط والمقيّد بدون شرطه وقيده يكون عقليّاً (٢).
وأمّا العاديّة: فإن كانت بمعنى أن يكون التوقّف عليها بحسب العادة - بحيث يمكن تحقّق ذيها بدونها، إلّا أنّ العادة جرت على الإتيان به بواسطتها - فهي وإن كانت غير راجعة إلى العقليّة، إلّا أنّه لا ينبغي توهّم دخولها في محلّ النزاع.
وإن كانت بمعنى أنّ التوقّف عليها وإن كان فعلاً واقعيّاً - كنصب السلّم ونحوه للصعود على السطح -، إلّا أنّه لأجل عدم التمكّن عادةً من الطيران الممكن عقلاً، فهي أيضاً راجعة إلى العقليّة ؛ ضرورةَ استحالة الصعود بدون مثل النصب عقلاً لغير الطائر فعلاً، وإن كان طيرانه ممكناً ذاتاً، فافهم.
__________________
(١) يظهر ذلك من عبارة مطارح الأنظار ١: ٢١٤.
(٢) الحكم بالرجوع وتعليله مذكوران في مطارح الأنظار ١: ٢١٤ - ٢١٥.