كانت له الدلالة التصوّريّة، أي: كون سماعه موجباً لإخطار معناه الموضوع له، ولو كان من وراء الجدار (١)، أو من لافظٍ بلا شعور ولا اختيار.
إن قلت: على هذا يلزم أن لا يكون هناك دلالةٌ عند الخطأ، والقطع بما ليس بمراد، أو الاعتقاد بإرادة شيءٍ ولم يكن له من اللفظ مراد.
قلت: نعم لا يكون حينئذٍ دلالة، بل يكون هناك جهالة وضلالة، يحسبها الجاهل دلالة.
ولعَمري ما أفاده العَلَمان من التبعيّة - على ما بيّنّاه - واضحٌ لا محيص عنه. ولا يكاد ينقضي تعجّبي كيف رضي المتوهّم أن يجعل كلامهما ناظراً إلى ما لا ينبغي صدوره عن فاضل، فضلاً عمّن هو عَلَمٌ في التحقيق والتدقيق ؟ !
السادس
[ وضع المركّبات ]
ليس للمركّبات وضع على حدة
لا وجه لتوهّم وضعٍ للمركّبات غير وضع المفردات ؛ ضرورة عدم الحاجة إليه بعد وضعها بموادّها في مثل « زيد قائم » و « ضرب عمرو بكراً »، شخصيّاً، وبهيئاتها المخصوصة من خصوص إعرابها نوعيّاً (٢)، ومنها: خصوص
__________________
(١) لو أبدله بقوله: « ولو كان من الجدار »، لكان أولى. ( حقائق الأُصول ١: ٣٩ ). وانظر منتهى الدراية ١: ٧١.
(٢) ظاهر العبارة كون كلمة « من » بيانيّة، وحينئذ تفيد حصر الهيئات في أصناف الإعراب من الرفع والنصب والجرّ، وليس كذلك، كما يدلّ عليه قوله: ومنها خصوص هيئات المركّبات... والعبارة حقّها هكذا: « نوعيّاً من الإعراب وهيئات المركبّات ». ( كفاية الأُصول مع حواشي المشكيني ١: ١٢٠ ).