وأمّا الثالث : فلاحتمال أن يكون الرشد في نفس المخالفة ، لحسنها (١). ولو سلّم أنّه لغلبة الحقّ في طرف الخبر المخالف (٢) ، فلا شبهة في حصول الوثوق بأنّ الخبر الموافق المعارض بالمخالف لا يخلو من الخلل صدورا أو جهة ، ولا بأس بالتعدّي منه إلى مثله ، كما مرّ آنفا.
ومنه انقدح حال ما إذا كان التعليل لأجل انفتاح باب التقيّة فيه ، ضرورة كمال الوثوق بصدوره كذلك (٣) مع الوثوق بصدورهما (٤) لو لا القطع به في الصدر الأوّل لقلّة الوسائط ومعرفتها ، هذا.
[بعض القرائن الدالّة على لزوم الاقتصار]
مع ما في عدم بيان الإمام عليهالسلام للكلّيّة (٥) ، كي لا يحتاج السائل إلى إعادة السؤال مرارا ، وما (٦) في أمره عليهالسلام بالإرجاء ـ بعد فرض التساوي فيما ذكره من المزايا المنصوصة ـ من الظهور في أنّ المدار في الترجيح على المزايا المخصوصة ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّه (٧) بناء على التعدّي حيث كان في المزايا المنصوصة ما لا يوجب الظنّ
__________________
(١) أي : يحتمل أن يكون حديث الرشد مشعرا بأنّ في نفس مخالفتهم مصلحة أقوى من مصلحة الواقع ، فيكون الرشد في مخالفتهم من جهة حسن المخالفة في نفسها ، لا من جهة كشفها عن أقربيّة الخبر المخالف إلى الواقع.
(٢) أي : لو سلّم أنّ حديث الرشد مشعر بأنّ مخالفتهم كاشفة عن أقربيّة الخبر المخالف لهم إلى الواقع ، فيكون فيها الرشد لغلبة الحقّ في طرف الخبر المخالف.
(٣) أي : صدور الخبر الموافق تقيّة.
(٤) أي : بصدور المخالف والموافق.
(٥) أي : لضابط كلّيّ.
(٦) أي : ومع ما ...
وهذا قرينة ثانية على لزوم الاقتصار على المرجّحات المنصوصة.
(٧) إشارة إلى قرينة ثالثة على لزوم الاقتصار.