العلّة (١) هو عدم الريب فيه بالإضافة إلى الخبر الآخر ولو كان فيه ألف ريب.
ولما في التعليل بأنّ الرشد في خلافهم (٢).
ولا يخفى ما في الاستدلال بها :
أمّا الأوّل : فإنّ (٣) جعل خصوص شيء فيه جهة الإراءة والطريقيّة حجّة أو مرجّحا لا دلالة فيه على أنّ الملاك فيه بتمامه جهة إراءته ، بل لا إشعار فيه كما لا يخفى ، لاحتمال دخل خصوصيّته في مرجّحيّته أو حجّيّته ، لا سيّما قد ذكر فيها ما لا يحتمل الترجيح به إلّا تعبّدا (٤) ، فافهم (٥).
وأمّا الثاني : فلتوقّفه على عدم كون الرواية المشهورة في نفسها ممّا لا ريب فيها ، مع أنّ الشهرة في الصدر الأوّل بين الرواة وأصحاب الأئمّة عليهمالسلام موجبة لكون الرواية ممّا يطمأنّ بصدورها ، بحيث يصحّ أن يقال عرفا : «إنّها ممّا لا ريب فيها» ، كما لا يخفى. ولا بأس بالتعدّي منه إلى مثله ممّا يوجب الوثوق والاطمئنان بالصدور ، لا إلى كلّ مزيّة ولو لم توجب إلّا أقربيّة ذي المزيّة إلى الواقع من المعارض الفاقد لها.
__________________
(١) أي : العلّة في ترجيح المشهور على الخبر الشاذّ.
(٢) وهذا ثالث الوجوه الّتي استدلّ بها الشيخ على القول بالتعدّي. راجع فرائد الاصول ٤ : ٧٧.
(٣) هكذا في النسخ. والاولى أن يقول : «فلأنّ».
(٤) حاصل الجواب : أنّ مثل الأصدقيّة والأوثقيّة وإن جعل مرجّحا لما فيه جهة الإراءة والكشف عن الواقع ، إلّا أنّه لم يعلم كون تمام الملاك في جعله مرجّحا هو ما فيه من جهة الإراءة ، بل يحتمل دخالة خصوصيّة في جعله مرجّحا ، خصوصا بملاحظة أنّه جعل مثل الأفقهيّة أيضا مرجّحا ، فإنّه ممّا لا يحتمل الترجيح به إلّا تعبّدا ، لعدم جهة الطريقيّة فيها.
(٥) لعلّه إشارة إلى ما أفاد المحقّق الأصفهانيّ ، وحاصله : أنّ اعتبار الأعدليّة والأورعيّة أيضا بلحاظ شدّة مراقبة الراوي وكثرة مداقّته في النقل ، لا بلحاظ الجهات الأجنبيّة عن مرحلة النقل ، كي يكون مرجّحا تعبّديّا. وكذا اعتبار الأفقهيّة يكون بلحاظ دخلها في بيان ما صدر من المعصوم عليهالسلام ، حيث أنّ الغالب في بيان الروايات هو النقل بالمعنى ، لا بلحاظ مجرّد اطّلاع الراوي الفقيه على ما هو أجنبيّ عن مرحلة النقل ، كي يكون مرجّحا تعبّديّا. نهاية الدراية ٣ : ٣٨٧.