فمنهم من أوجب الترجيح بها مقيّدين بأخباره إطلاقات التخيير. وهم بين من اقتصر على الترجيح بها (١) ومن تعدّى منها إلى سائر المزايا الموجبة لأقوائيّة ذي المزيّة وأقربيّته ـ كما صار إليه شيخنا العلّامة «أعلى الله مقامه» (٢) ، أو المفيدة للظنّ كما ربّما يظهر من غيره(٣).
[القول المختار ، والجواب عن أخبار الترجيح]
فالتحقيق أن يقال : إنّ أجمع خبر للمزايا المنصوصة في الأخبار هو المقبولة والمرفوعة مع اختلافهما وضعف سند المرفوعة جدّا.
والاحتجاج بهما (٤) على وجوب الترجيح في مقام الفتوى لا يخلو عن إشكال ، لقوّة احتمال اختصاص الترجيح بها بمورد الحكومة لرفع المنازعة وفصل الخصومة ، كما هو موردهما(٥) ، ولا وجه معه للتعدّي منه إلى غيره ، كما لا يخفى.
ولا وجه لدعوى تنقيح المناط مع ملاحظة أنّ رفع الخصومة بالحكومة في صورة تعارض الحكمين وتعارض ما استندا إليه من الروايتين لا يكاد يكون إلّا
__________________
(١) وهذا منسوب إلى الأخباريّين. قال المحدّث البحرانيّ : «قد ذكر علماء الاصول من وجوه الترجيحات في هذا المقام بما لا يرجع إلى محصول ، والمعتمد عندنا ما ورد عن أهل بيت الرسول». الحدائق الناضرة ١ : ٩٠.
وهو الظاهر أيضا من الوافية في الاصول : ٣٢٤. وصرّح بذلك المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٤ (القسم الثاني) : ١٩٤.
(٢) فرائد الاصول ٤ : ٧٣.
(٣) كما يظهر من السيّد الطباطبائي في مفاتيح الاصول : ٦٨٨.
وذهب المحقّق النائينيّ إلى لزوم الاقتصار على المرجّحات المنصوصة إلّا في صفات الراويّ ، فيصحّ الترجيح بالصفات الّتي لها دخل في أقربيّة صدور أحد المتعارضين. راجع فوائد الاصول ٤ : ٧٧٤ ـ ٧٧٨ و ٧٨٥.
(٤) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «والاحتجاج بها» ليرجع الضمير إلى المقبولة ، فإنّ الجواب مختصّ بالمقبولة ، فيرجع الضمير إليها ، لا إلى المقبولة والمرفوعة.
(٥) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «موردها» لما مرّ في التعليقة السابقة.