أنّ المناط في الاتّحاد هو الموضوع العرفيّ أو غيره من بيان أنّ خطاب «لا تنقض» قد سيق بأيّ لحاظ؟.
فالتحقيق أن يقال : إنّ قضيّة إطلاق خطاب «لا تنقض» هي أن يكون بلحاظ الموضوع العرفيّ ، لأنّه المنساق من الإطلاق في المحاورات العرفيّة ، ومنها الخطابات الشرعيّة (١) ، فما لم يكن هناك دلالة على أنّ النهي فيه (٢) بنظر آخر غير ما هو الملحوظ في محاوراتهم ، لا محيص عن الحمل على أنّه بذاك اللحاظ ، فيكون المناط في بقاء الموضوع هو الاتّحاد بحسب نظر العرف وإن لم يحرز بحسب العقل أو لم يساعده النقل ، فيستصحب مثلا ما ثبت بالدليل للعنب إذا صار زبيبا ، لبقاء الموضوع واتّحاد القضيّتين عرفا. ولا يستصحب فيما لا اتّحاد كذلك وإن كان هناك اتّحاد عقلا ، كما مرّت الإشارة إليه في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّيّ ، فراجع (٣).
المقام الثاني : [اعتبار عدم الأمارة المعتبرة في مورد الاستصحاب]
أنّه لا شبهة في عدم جريان الاستصحاب مع الأمارة المعتبرة في مورده ، وإنّما الكلام في أنّه للورود (٤) أو
__________________
(١) الّتي يكون العرف مخاطبين بها.
(٢) أي : النهي عن نقض اليقين بالشكّ في خطاب «لا تنقض».
(٣) راجع الصفحة : ٢٢١ من هذا الجزء.
(٤) معنى مورد أحد الدليلين على الآخر هو كونه رافعا لموضوع الآخر حقيقة بعناية التعبّد به.
وبعبارة اخرى : الورود هو كون أحد الدليلين متضمّنا لخروج فرد عن موضوع دليل آخر حقيقة بواسطة التعبّد الشرعيّ ، بحيث يكون خروج ذلك الفرد عن الدليل الآخر ناشئا عن تصرّف من ناحية الحاكم ، بحيث لو لا هذا التصرّف لكان الدليل الآخر شاملا له ، كما إذا كان الثوب ـ مثلا ـ متنجّسا وشكّ في طهارته ، وشهدت بيّنة بطهارته ، فهذا الثوب المشتبه عند قيام البيّنة يخرج عن موضوع الاستصحاب ـ وهو الشكّ ـ ببركة التعبّد بالأمارة ـ وهي البيّنة في المقام ـ الّذي هو نحو تصرّف من ناحية الحاكم ، فلولا التعبّد بها كان الثوب داخلا ـ