من الدليل (١) ، فلو فرض عدم دلالة الأخبار معه (٢) على اعتبار الاستصحاب فلا بدّ من الانتهاء إلى سائر الاصول بلا شبهة ولا ارتياب. ولعلّه اشير إليه بالأمر بالتأمّل (٣) ، فتأمّل جيّدا.
تتمّة
[في بيان شرطين من شرائط الاستصحاب]
لا يذهب عليك : أنّه لا بدّ في الاستصحاب من بقاء الموضوع وعدم أمارة معتبرة هناك ولو على وفاقه ، فهنا مقامان :
المقام الأوّل : [اعتبار بقاء الموضوع]
انّه لا إشكال في اعتبار بقاء الموضوع ، بمعنى اتّحاد القضيّة المشكوكة مع المتيقّنة موضوعا كاتّحادهما حكما ، ضرورة أنّه بدونه لا يكون الشكّ في البقاء ، بل في الحدوث ، ولا رفع اليد عن اليقين في محلّ الشكّ نقض اليقين بالشكّ. فاعتبار البقاء بهذا المعنى لا يحتاج إلى زيادة بيان وإقامة برهان.
والاستدلال عليه ب «استحالة انتقال العرض إلى موضوع آخر ، لتقوّمه بالموضوع وتشخّصه به» (٤) ، غريب ، بداهة أنّ استحالته حقيقة غير مستلزم
__________________
(١) هكذا في النسخ. والأولى سوق العبارة هكذا : «بل لا بدّ من الدليل على أنّ الوظيفة أيّ أصل من الاصول العمليّة؟».
(٢) أي : مع الظنّ غير المعتبر.
(٣) أي : لعلّه اشير في كلام الشيخ إلى الإشكال بالأمر بالتأمّل حيث قال : «فتأمّل جدّا». فرائد الاصول ٣ : ٢٨٦.
(٤) هذا ما استدلّ به الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ٣ : ٢٩٠ ـ ٢٩١. وتوضيحه : أنّ الحكم عارض على الموضوع ، فإذا جرى الاستصحاب في بقاء الحكم العارض على الموضوع الّذي لم يعلم بقاؤه لاحقا لزم إمّا بقاء العرض ـ أي الحكم ـ بلا موضوع ، وهو محال ، لأنّ الموضوع من علل تشخّص العرض وقوامه في الخارج ، فبقاؤه بلا موضوع ممتنع ؛ وإمّا انتقاله إلى موضوع آخر ، وهذا أيضا محال ، لأنّ الحكم ببقاء العرض حينئذ ليس إبقاؤه لنفس ذلك العرض ، بل هو حكم بحدوث عارض مثله في موضوع آخر.