وأمّا الّتي كان المهمّ فيها شرعا وعقلا هو القطع بها ومعرفتها (١) ، فلا مجال له موضوعا (٢) ، ويجري حكما (٣). فلو كان متيقّنا بوجوب (٤) تحصيل القطع بشيء ـ كتفاصيل القيامة ـ في زمان وشكّ في بقاء وجوبه ، يستصحب.
وأمّا لو شكّ في حياة إمام زمان ـ مثلا ـ فلا يستصحب ، لأجل ترتيب لزوم معرفة إمام زمانه ، بل يجب تحصيل اليقين بموته أو حياته مع إمكانه (٥).
ولا يكاد يجدي في مثل وجوب المعرفة عقلا أو شرعا إلّا إذا كان حجّة من
__________________
(١) كالاعتقاد بوجود البارئ تعالى وعدم الشريك له تعالى ، والاعتقاد بالنبوّة والمعاد ، فإنّ موضوع وجوب الاعتقاد في هذه الامور هو معرفتها واليقين بها ، لا نفس الالتزام بثبوتها من دون معرفتها.
(٢) لأنّ المفروض أنّ المطلوب شرعا هو تحصيل اليقين بالموضوع ، والاستصحاب لا يجدي في تحصيل اليقين.
(٣) وفي بعض النسخ : «ومجرى حكما».
(٤) وفي بعض النسخ : «فلو شكّ في وجوب ...». والصحيح ما أثبتناه.
(٥) لا يخفى : أنّ في كلامه هذا وجوه :
الأوّل : أنّه لمّا كان وجوب معرفة الإمام عليهالسلام مترتّبا على حياة الإمام واقعا فالشكّ في حياته يوجب الشكّ في وجوب معرفته. وحينئذ لا يستصحب وجود الإمام عليهالسلام ، ولا يترتّب وجوب معرفة إمام الزمان.
الثاني : أنّ ما يتوقّف على حياة الإمام عليهالسلام هو نفس معرفته ، لا وجوب معرفته ، فإنّ معرفته واجب على كلّ تقدير ، سواء علم بحياته أو لم يعلم. وحينئذ فإذا شكّ في حياة الإمام عليهالسلام في زمان فهل يكفي في حصول معرفته استصحاب حياته أو يجب تحصيل اليقين بحياته؟ فأجاب المصنّف رحمهالله بأنّه يجب تحصيل اليقين بحياته كي يمكن حصول معرفته ويترتّب عليه وجوب معرفته.
الثالث : أنّ وجوب معرفة إمام الزمان متوقّف على اليقين بحياته ، لا على حياته واقعا. وحينئذ فإذا شكّ في حياة إمام زمان فهل يكتفى باستصحاب حياته عن اليقين بها كي يترتّب عليه وجوب معرفته ، أو لا يكتفى به ، بل يجب تحصيل اليقين بحياته أو اليقين بموته الّذي يستلزم إمامة اللاحق المعلوم حياته؟ أجاب المصنّفرحمهالله بأنّه لا يستصحب حياته ـ أي لا يكتفى باستصحاب حياته عن اليقين بها ـ ، فلا يترتّب عليه وجوب معرفة الإمام.
وأحسن الوجوه هو الوجه الثالث ، فإنّه الأنسب إلى ظاهر كلامه ، بل هو الأقرب إلى الواقع.