سائر الاعتبارات في أبواب العقود والإيقاعات.
فانقدح بذلك أنّ مثل هذه الاعتبارات إنّما تكون مجعولة بنفسها ، يصحّ انتزاعها بمجرّد إنشائها كالتكليف ، لا مجعولة بتبعه ومنتزعة عنه (١).
وهم ودفع
أمّا الوهم فهو : أنّ الملكيّة كيف جعلت من الاعتبارات الحاصلة بمجرّد الجعل والإنشاء الّتي تكون من خارج المحمول (٢) ، حيث ليس بحذائها في الخارج شيء ، وهي (٣) إحدى المقولات المحمولات بالضميمة الّتي لا يكاد تكون بهذا
__________________
(١) هكذا في النسخ. والتأنيث في العبارة باعتبار المضاف إليه في قوله : «مثل هذه الاعتبارات» ، وإلّا فكان الأولى أن يذكّر ويقال : «إنّما يكون مجعولا بنفسه ، يصحّ انتزاعه بمجرّد انشائه ، كالتكليف ، لا مجعولا بتبعه ومنتزعا عنه».
وفي الختام نذكر ما تعرّض له المحقّقان النائينيّ والعراقيّ استدلالا على كون النحو الثالث مجعولا بالاستقلال وإيرادا على الشيخ الأعظم :
أمّا المحقّق النائينيّ : فأفاد ما لفظه : «ليس من الأحكام الوضعيّة ما يختصّ بحكم تكليفيّ لا يشاركه غيره فيه ، فكيف يكون منشأ لانتزاعه بخصوصه؟ ودعوى أنّ الحكم الوضعيّ ينتزع من جملة من الأحكام التكليفيّة الّتي بجملتها تختصّ به كما ترى! مع أنّ هذا أيضا في بعض المقامات لا يمكن ، فإنّ الحجّيّة والطريقيّة من الأحكام الوضعيّة الّتي ليس في موردها حكم تكليفيّ قابل لانتزاع الحجّيّة منه». فوائد الاصول ٤ : ٣٨٧.
وأمّا المحقّق العراقيّ : فأفاد ما حاصله : أنّ ظواهر الأدلّة تنافي دعوى الانتزاع ، لأنّه قد أخذت فيها هذه الامور الوضعيّة الإضافيّة موضوعا للأحكام التكليفيّة ، مثل ما دلّ على حرمة التصرّف في مال الغير بدون إذنه ، وما دلّ على سلطنة الناس على أموالهم. ومعلوم أنّ منشأ إضافة المال إلى الشخص أو الغير لا يكاد يكون نفس ذلك التكليف المتعلّق بالموضوع المزبور ، وإلّا لزم الدور ، وهو محال. ولا يكون أيضا ناشئا من تكليف آخر في الرتبة السابقة عن الإضافة المزبورة ، وإلّا لزم اجتماع المثلين ، وهو محال ، بل يكون منشؤها صرف جعلها قبل تعلّق التكليف بها ، فلا تكون منتزعة من الحكم. نهاية الأفكار ٤ : ١٠٣.
(٢) قد مرّ الفرق بين خارج المحمول والمحمول بالضميمة فيما علّقت على مباحث المشتقّ في الجزء الأوّل : ١١٠.
(٣) أي : الملكيّة.