غيرها ، مع أنّه لا تكاد تظهر ثمرة مهمّة علميّة أو عمليّة للنزاع في ذلك.
وإنّما المهمّ في النزاع هو أنّ الوضع كالتكليف في أنّه مجعول تشريعا بحيث يصحّ انتزاعه بمجرّد إنشائه ، أو غير مجعول كذلك ، بل إنّما هو منتزع عن التكليف ومجعول بتبعه وبجعله؟
والتحقيق أنّ ما عدّ من الوضع على أنحاء :
منها : ما لا يكاد يتطرّق إليه الجعل تشريعا أصلا ، لا استقلالا ولا تبعا ، وإن كان مجعولا تكوينا عرضا بعين جعل موضوعه كذلك.
ومنها : ما لا يكاد يتطرّق إليه الجعل التشريعيّ إلّا تبعا للتكليف.
ومنها : ما يمكن فيه الجعل استقلالا ـ بإنشائه ـ وتبعا للتكليف ـ بكونه منشأ لانتزاعه ـ ، وإن كان الصحيح انتزاعه من إنشائه وجعله ، وكون التكليف من آثاره وأحكامه على ما تأتي الإشارة إليه.
أمّا النحو الأوّل : فهو كالسببيّة والشرطيّة والمانعيّة والرافعيّة لما هو سبب التكليف وشرطه ومانعة ورافعه (١) ، حيث أنّه لا يكاد يعقل انتزاع هذه العناوين لها من التكليف المتأخّر عنها ذاتا حدوثا (٢) أو ارتفاعا (٣) ؛ كما أنّ اتّصافها بها ليس إلّا لأجل ما عليها من الخصوصيّة المستدعية لذلك (٤) تكوينا ، للزوم أن يكون في العلّة بأجزائها ربط خاصّ (٥) به كانت مؤثرة (٦) في معلولها ، لا في غيره ، ولا غيرها فيه ، وإلّا لزم أن يكون كلّ شيء مؤثّرا في كلّ
__________________
(١) المثال للسببيّة هو دلوك الشمس لوجوب الصلاة ، وللشرطيّة هو الاستطاعة الشرعيّة لوجوب الحج ، وللمانعيّة هو العجز المانع عن التكليف بالطهارة المائيّة ، وللرافعيّة هو أحد نواقض الوضوء الرافع لجواز الدخول فيما يشترط فيه الطهارة.
(٢) كما في السبب والشرط والمانع.
(٣) كما في الرافع.
(٤) أي : لاتّصاف السبب والشرط والمانع والرافع بالسببيّة والشرطيّة والمانعيّة والرافعيّة.
(٥) وفي بعض النسخ : «من ربط خاصّ». والصحيح ما أثبتناه.
(٦) وفي بعض النسخ : «كان مؤثّرا». والصحيح ما أثبتناه.