[الخبر الثاني : صحيحة زرارة الثانية]
ومنها : صحيحة اخرى لزرارة. قال : قلت : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من منيّ ، فعلمت أثره إلى أن اصيب له الماء (١) ، [فاصبت] (٢) وحضرت الصلاة ، ونسيت أنّ بثوبي شيئا ، وصلّيت ، ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك؟
قال : «تعيد الصلاة ، وتغسله».
قلت : فإنّي لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنّه قد أصابه ، فطلبته ولم أقدر عليه ، فلمّا صلّيت وجدته؟
قال : «تغسله ، وتعيد».
__________________
ـ حقيقة ، إبقاء له على ظاهره ـ قد تصدّى إلى بيان المطلب إشكالا وجوابا ببيان آخر :
أمّا الإشكال : فحاصله : أنّ إسناد نقض اليقين إلى الحكم إسناد إلى ما هو له ، لأنّ الفعل إبقاء لليقين بالحكم عملا ، لباعثيّته عقلا نحوه ؛ وأمّا إسناد نقض اليقين إلى الموضوع فهو إسناد إلى غير ما هو له ، إذا الفعل لا يكون إبقاء لليقين بالموضوع عملا ، فإنّ اليقين بالموضوع لا باعثيّة له بنفسه ، بل بلحاظ أنّه منشأ لليقين بالحكم ، فالنقض لم يسند إلى اليقين بالموضوع حقيقة. وبما أنّ الجمع بين الإسنادين في كلام واحد خلاف الظاهر ، إذ الظاهر من الإسناد الكلاميّ هو الإسناد إلى ما هو له ، كانت أخبار الاستصحاب قاصرة عن شمول الشبهة الموضوعيّة.
وأمّا الجواب : فحاصله : أنّ ما ذكر انّما يلزم على كون مفاد قضيّة «لا تنقض» النهي عن النقض عملا ، فإنّ إبقاء اليقين بالموضوع عملا غير مستلزم لما هو للعمل ، إذ لا باعثيّة له. وأمّا لو كان المراد منها النهي عن نقض اليقين حقيقة وعنوانا ـ كما هو المختار ـ فلا يلزم هذا المحذور ، فإنّ عدم الفعل لازم لعدم اليقين بالموضوع أو بالحكم ، وعليه يمكن أن يراد من «لا تنقض» النهي عن نقض اليقين مطلقا ، سواء تعلّق بالحكم أو بالموضوع ، فيكون قوله : «لا تنقض» كناية عن جعل لازمه من الحكم المماثل له ـ إذا كان المتيقّن حكما ـ أو الحكم المماثل لحكمه ـ إذا كان المتيقّن موضوعا ـ. انتهى ملخّص ما أفاده هذا المحقّق الكبير ، فراجع تمام كلامه وتأمّل في مرامه. نهاية الدراية ٣ : ٧٠ ـ ٧٦.
(١) وفي بعض النسخ : «من الماء» ، وما أثبتناه موافق للمصدر وبعض النسخ.
(٢) ما بين المعقوفتين موجود في المصدر.